تحدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خصومه في الداخل والخارج عقب إعلان رئيس البرلمان المعارض خوان غوايدو نفسه رئيسا بالوكالة ليؤكد أنه لن يترك السلطة في مواجهة ما يصفه بانقلاب مدعوم من الولاياتالمتحدة، بينما حذرت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان من خروج الوضع في فنزويلا عن السيطرة. وبعد يوم من تنصيب غوايدو نفسه رئيسا مؤقتا حتى إجراء انتخابات جديدة، تحدث مادورو أمس خلال جلسة خاصة أمام المحكمة العليا في العاصمة كركاس، وتوجه بالشكر للمؤسسة العسكرية التي أعلنت دعمها له في مواجهة ما سمّاه انقلابا تقوده "إمبراطورية الولاياتالمتحدة". كما قال إنه لا شك في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد فرض حكومة أمر واقع في فنزويلا. وكان ترامب سارع أمس الأول عقب إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي الشاب خوان غوايدو (35 عاما) توليه رئاسة البلاد بالوكالة إلى الاعتراف به رئيسا انتقاليا، معتبرا في الوقت نفسه أن مادورو لم يعد شرعيا. وردا على غوايدو الذي صرح بأنه اعتمد في إعلان نفسه رئيسا بالوكالة على المادة 233 من الدستور التي تحدد حالات الشغور في السلطة كالعجز العقلي أو الوفاة، قال مادورو "بفضل الله أنا لست مجنونا.. أنا بخير. لن أتخلى أبدا (عن السُلطة)". أما رئيس البرلمان -الذي بات وزملاؤه من نواب المعارضة محل تحقيقات قضائية- فتحدث من مكان غير معلوم لتلفزيون "يونيفيزيون" وعرض "العفو" عن الرئيس الحالي والمقربين منه في حال ساعدوا في استعادة الديمقراطية والنظام الدستوري. وحين أقسم اليمين أول أمس خلال مظاهرة حاشدة للمعارضة في كاراكاس، دعا غوايدو الجيش وقوات الأمن إلى الوقوف معه، لكن لم تظهر أي علامات على أن أيا من المؤسستين قد تدعمه. بل إن وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز أعلن دعم الجيش للرئيس مادورو باعتباره الرئيس الشرعي للبلاد، متهما المعارضة بتدبير انقلاب بدعم من الولاياتالمتحدة. وأكد أن ما يحتاجه الشعب الفنزويلي ليس الحرب وإنما الحوار. وفجرت الجولة الجديدة من المواجهة بين السلطة والمعارضة في فنزويلا أعمال عنف أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصا، وفق منظمة فنزويلية مناهضة للرئيس. وقد حذرت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليه اليوم الجمعة من أن الوضع في فنزويلا قد يخرج سريعا عن السيطرة، وقالت إن ذلك قد يكون له تداعيات كارثية. ودعت باشيليه (رئيس تشيلي السابقة) إلى تحقيق مستقل بشأن الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن، مشيرة إلى أنباء عن مقتل ما لا يقل عن عشرين متظاهر واعتقال 350 آخرين خلال الأسبوع الجاري، كما حثت الساسة الفنزويليين على إجراء محادثات لنزع فتيل التوتر. ضغوط متواصلة في الأثناء، تواصل واشنطن الضغط دبلوماسيا لفرض عزلة دولية كاملة على الرئيس الفنزويلي، لكنها تواجه صعوبات في تحقيق ذلك بما أن دولا كبرى في مقدمتها روسيا والصين أعلنت وقوفها إلى جانب مادورو ورفضها التدخل الأميركي في فنزويلا باعتباره انتهاكا للقانون الدولي. كما أن دولا بينها تركيا والمكسيك وكوبا وبوليفيا عبرت عن مواقف مناهضة لمحاولة الإطاحة بمادورو. ورد الرئيس الفنزويلي على اعتراف واشنطن برئيس البرلمان المعارض رئيسا بالوكالة بقطع العلاقات معها، وإغلاق سفارة بلاده وقنصلياتها بالولاياتالمتحدة، ومطالبة الدبلوماسيين الأميركيين بمغادرة كراكاس خلال 72 ساعة. أما واشنطن فاستدعت دبلوماسييها غير الأساسيين في فنزويلا، ودعت رعايها في هذا البلد إلى التفكير في مغادرته من أجل سلامتهم. وبالتزامن، تبحث الإدارة الأميركية تحويل عائدات صادرات النفط الفنزويلية إلى "السلطة الانتقالية" التي أعلنتها المعارضة في فنزويلا، وفق ما جاء في تصريحات مسؤول أميركي لم يكشف عن هويته. وبعد اعتراف أغلب دول مجموعة ليما، وفي مقدمتها البرازيل والأرجنتين وكندا، بالمعارض الفنزويلي خوان غوايدو رئيسا بالوكالة، حضر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اجتماعا طارئا لمنظمة الدول الأميركية في واشنطن سعيا للخروج بموقف موحد ضد ما سماه النظام غير الشرعي لنيكولاس مادورو. لكن الإجماع لم يتحقق في هذا الاجتماع، كما أن المنظمة اكتفت بإصدار إعلان غير ملزم بدعم رئيس البرلمان الفنزويلي. وفي السياق نفسه، ستستضيف كندا اجتماعا لمجموعة ليما يتعلق بأزمة فنزويلا.