مقدمة: يحتفل العالم كل عام يوم 31 ماي باليوم العالمي لمحاربة التدخين منذ سنة 1987 . ويعد هذا الاحتفال بمثابة تذكير بالمساوئ والآثار السلبية على الصحة. ولكن أغلب المدخنين لايعون هذه المشاكل والآثار التي يسببها التدخين على أجسامهم وعلى أنفسهم وعلى مواردهم المالية. ولا يراعون لأشخاص من حولهم يتعرضون لمصائب التدخين دون أن يدخنوا سيجارة واحدة في حياتهم. ومن هنا جاءت القوانين لتحريم التدخين في الأماكن العمومية، وهناك يطرح سؤال آخر حول نفاق القوانين فالمدخنون يدخنون أمام هذه المؤسسات العمومية أو الخاصة وفي الشوارع، وكأن الشوارع أماكن غير عمومية !! وبكل صراحة فالقوانين المطبقة في الدول الأوروبية والأمريكية التي تحظر التدخين في الأماكن العامة حققت نتائج جيدة في مجال الصحة العامة. فقد تقلصت النوبات القلبية والجلطات الدماغية المتعلقة بالتدخين بنسبة 15% بعد ستة أشهر من تنفيذ قرار منع التدخين في الأماكن العامة. ورغم تحريض الشركات المصنعة للسجائر التي لم تنزع سلاحها وأظهرت براعة كبيرة لاستقطاب عملاء جدد وخاصة الشباب، حيث أن مدخنا من اثنين يموت قبل الأوان. وصناع السجائر محتاجون لتجديد عملائهم باستمرار الأمر الذي يعني بوضوح الوصول إلى الأطفال في سن مبكرة. ولا يكفي إيجاد عملاء جدد بل يجب تكثيف “إخلاصهم” و إدمانهم على مادة النيكوتين. فهناك مادة النيكوتين وبعض المواد الأخرى يخلقن التبعية والإدمان على السيجارة. ما هو تأثير التدخين على الجسم؟ الجلد والشعر متسخان، الأسنان والأظافر صفراء، رائحة الفم الكريهة... الآثار الظاهرة والأكثر وضوحا للتدخين ولكنها ليست الأسوأ. أمراض القلب والأوعية الدموية (الذبحة الصدرية، اختناق أوعية القلب والشلل النصفي...) والعديد من أنواع السرطان (الشفة والفم والحنجرة والبلعوم والرئة...) والالتهابات المتكررة التي تؤثر على عضلات ومفاصل الجسم.... عاجلا أو آجلا تؤثر على المدخن المدمن العادي. سجائر أو غليون أو سيجار أو سجائر “مبرومة” باليد أو شيشة (نارجيلة) أو تبغ للمضغ أو تبغ للنفح (النفحة)... جميع أنواع التبغ المستهلكة في شكل أو آخر تؤدي إلى الإدمان وتؤدي إلى الأمراض أو إلى الموت... مخلوط بنكهة النعناع أو الليمون أو الشوكولاته أو غيرها من المواد “الطبيعية” أو “غير المعالجة”... إن جميع هذه المواد تؤدي إلى الإدمان وتؤثر على الصحة. “التدخين يقتل”، هذه العبارة ملزم على الصانع أن يكتبها على علب السجائر، وإن لم يفعل فسيطاله القانون. ولكن ما يجعل السيجارة خطر على الصحة؟ عندما يدخن الإنسان يستنشق بطبيعة الحال مادة النيكوتين وهو سم فتاك، ويستنشق كذلك ما يفوق 4000 مادة أكثر من 50 مادة معروفة تؤدي إلى السرطان من بينها: حمض الفينول، البريدين، الزرنيخ، الميتانول، كبريت الهيدروجين، سيانيد الهيدروجين، الأمونياك، الفورمول، حمض الفورميك، الأسيتونيتريك، كلوريد الميتيل.... وغيرهم وكلهم مواد سامة غازية أو غير غازية تستخدم في تصنيع المتفجرات ومبيدات الحشرات والمطهرات.... هناك أسئلة مشبوهة وخاطئة حول السيجارة، السيجارة تؤدي إلى الاسترخاء، والسجائر الخفيفة (lights) أقل خطورة من غيرها، والمصفي (filtre) يقلل من سم السجائر.... وهناك العديد من الكليشيهات التي تميل إلى التقليل من الأضرار الوخيمة الناتجة عن السجائر. هل السيجارة نؤدي إلى الاسترخاء؟ بالعكس فالنيكوتين هو مادة منشطة تجعل الدماغ في حالة تأهب وليس في حالة استرخاء. إذن من أين يأتي هذا الشعور بالاسترخاء؟ إن تدخين السيجارة يؤدي إلى إنهاء الانزعاج والخوف الناتج على الإدمان والشوق إلى النيكوتين الذي يؤدي إلى الشعور بالسعادة والارتخاء. ومعروف أن أول سيجارة تؤدي إلى رفض الجسم لها عن طريق السعال وصداع الرأس والشعور بالقيء. هل السجائر الخفيفة اقل خطورة من غيرها؟ هذه التسمية تعني أن هذه السجائر تحتوي على مواد أقل خطورة وأن نظام التهوية الخاص والمصفي الخاص ولكن الذي يجب معرفته هو أن كل مدخن محتاج إلى كمية خاصة من النيكوتين فإن لم يحصل عليها فإنه يضاعف ويكثف عدد السجائر وعدد الجرعات الممتصة. هل المصفي (filtre) يقلل من سم السجائر؟ يفترض في المصفي أن يقلل من هذا السم، وهو في اتصال مباشر مع الفم، فهو يشكل خطورة مباشرة عل الجسم (مجموعة من المواد السامة والأميونت...) والسجائر الحاملة للمصفى تحتوي على مستويات عالية من النيكوتين. المصفى يدفع إلى امتصاص أقوى إذن إلى نيكوتين أكثر. والمدخن يشعر بأنه محمى مع المصفى وهذا الشعور يزيد من خطورة التدخين. إن التدخين يزيد من خطورة الإصابة بالسرطان وهو عامل أساسي وأولي في الإصابة بسرطان الجهاز التنفسي والهضمي واللسان والحنجرة والمثانة. والتوقف عن التدخين يقلل من خطورة ظهور سرطان الرئة. ومع ذلك فيجب على المدخنين المتوقفين عن التدخين مراقبة جهازهم التنفسي سنوات بعد الانقطاع عن التدخين. إن التدخين من أهم العوامل المؤدية إلى أمراض القلب والأوعية الدموية: اختناق عضلات القلب وارتفاع ضغط الدم وأمراض شرايين الأطراف السفلية والشلل النصفي والعجز الجنسي وتختر الدم وترسب الأوساخ جزئيا أو كليا في الأوعية الدموية. وهذا يؤدي إلى آلام في الصدر (الذبحة الصدرية) وإلى انسداد الشرايين (مرض الشرايين الطرفية السكتة الدماغية والجلطة الوريدية). والذي يجب معرفته أن الآثار السلبية للتدخين ليست تابعة للكمية المدخنة، والقليل من التدخين قد يؤدي إلى أكبر المضاعفات وأهم الأعراض السلبية. إن التدخين يزيد من خطر التهاب الأنف والتهاب الملتحمة وخطر الحساسية. وهو قد يظهر الحساسية أو يزيد من تفاقمها. إن التدخين هو السبب الرئيسي لأمراض الجهاز التنفسي والتهاب القصبات الهوائية الحاد والمزمن والربو. ويسبب ضيق التنفس لأقل جهد، و يحدث السعال بشكل رئيسي كل صباح. وقد يؤدي إلى 80% من الوفيات الناتجة عن التهاب الشعب الهوائية المزمن وانتفاخ الرئة. إن للتدخين آثار سلبية على الجلد ولونه وليونته. فتكثر تجاعيد الجلد بسبب تدهور الألياف المرنة بالتبغ وتصبح البشرة أقل لمعانا ورمادية اللون. كما يصبح التنفس كريها وتصبح الأسنان صفراء ويصبح الصوت أجش عند المدخنين الشرهين. لقد زاد التدخين عند النساء في السنوات الأخيرة، ويسبب التدخين عند النساء، زيادة على ما ذكر سابقا، تغيير في التنظيم الشهري للدورات الهرمونية ودم الحيض، انخفاض في معدل الخصوبة وانخفاض فرص إنجاب الأطفال، زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وعنق الرحم، زيادة مخاطر الإجهاض العفوي أو الولادة السابقة لأوانها، والتدخين أثناء الحمل ضار بالأم وجنينها فهو يؤدي إلى طفل ناقص في الوزن وناقص في الحيوية ومتعطش للتدخين كما يزداد خطر الموت المفاجئ. إن غير المدخنين أو الذين يسمون “بالمدخنين السلبيين” يتعرضون للآثار السلبية للتدخين بقوة و”التدخين السلبي” مسؤول عن وفاة ما يقرب 6000 حالة سنويا بين الأشخاص غير المدخنين وخاصة الأطفال. والحضر المفروض على التدخين في الأماكن العامة غرضه الأساسي حماية غير المدخنين وحسب الدراسات الأوروبية فقد أدى هذا القرار وهذا القانون إلى تقلص في معدل الإصابات في القلب وفي الدماغ وكان هذا التراجع مصحوبا بانخفاض الإصابات في الجهاز التنفسي داخل المؤسسات والأماكن العمومية المطبقة لقانون المنع.