ساهم ذ. رشيد شاكري بمداخلة حول " محو الأمية: مساءلة الواقع، واستشراف المستقبل" في المائدة المستديرة التي نظمتها جمعية البديل للمعوقين جسديا وجمعية الشعلة للتربية والثقافة بفاسالمدينة، يوم الجمعة 30 مايو 2014 ب غرفة التجارة والصناعة والخدمات بفاس. قاربت المداخلة مؤشرات محو الأمية على المستوى الدولي والإقليمي والوطني،حيث أشار مستندا في ذلك إلى تقارير دولية، إلى أن عدد الأميين في العالم لازال مرتفعا إذ بلغ 774 مليون نسمة، وأن نسبة انخفاضه لم تزد عن 1% فقط منذ عام 2000، كما أن النساء تشكل ثلثي العدد الإجمالي ولم يتم إحراز أي تقدم باتجاه خفض نسبتهن منذ عام 1990، في حين يتجمع ثلاثة أرباع الأميين الراشدين في العالم بعشرة بلدان وهي الهند والصين وباكستان وبنغلاديش ونيجيريا وإثيوبيا ومصر والبرازيل وإندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمواقراطية. أما أمية الصغار على المستوى الدولي، فمن بين 650 مليون طفل الذين بلغوا سن التعليم الابتدائي، لا يتعلم 250 مليون طفل على الأقل ما يلزمهم من مهارات أساسية في القراءة والرياضيات، منهم 120 مليون طفل تقريا، لم يلتحقوا يوما بالتعليم الابتدائي أو التحقوا لفترة قصيرة ولم يبلغوا حتى الصف الرابع، أما العدد المتبقي (أي 130 مليون) فيشمل أطفالا ملتحقين بالتعليم الابتدائي ولكنهم لم يكتسبوا المعايير الدنيا للتعلم، حيث يعجز الكثير منهم عن فهم جملة بسيطة، وهم بالتالي يفتقرون إلى المهارات اللازمة للانتقال إلى التعليم الثانوي. فيما يخص الأمية بالدول العربية، وحسب بيان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية 2014، والتي جددت من خلاله على تأكيد مخاوفها من عدم وجود فرص تقدم مبشرة بالنسبة لمحو الأمية بالوطن العربي، فإن عدد الأميين بالدول العربية يصل إلى 96,836 مليون أمي أي بنسبة 19,73% من مجموع السكان تمثل فيها الإناث نسبة 60,60 % ، كما أن ظاهرة التسرب من التعليم في مرحلته الأولى في الدول العربية تعد من أعلى النسب في العالم. أما على المستوى الوطني، فقد انخفضت نسبة الأمية من 43% سنة 2004 لدى السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى، إلى 28 %، حسب البحث الوطني حول محو الأمية لسنة 2012، ورغم ذلك فما زال عدد السكان الأميين يقارب 10 ملايين أمي ثلثاهم من النساء، وهي ثاني نسبة أمية في الدول العربية بعد مصر، كما أن المغرب يسجل رابع أعلى نسبة في الهدر المدرسي عربيا بعد كل من اليمن والعراق والسعودية. ومن مواطن قوة برنامج محو الأمية بالمغرب التي سجلها ذ. رشيد شاكري ، هناك تطور عدد المستفيدين إذ ارتفع العدد المتراكم للمستفيدين من برامج محو الأمية خلال السنوات ال 10 الماضية إلى أكثر من 6 ملايين ونصف، ومحاولة المسؤولين على بلورةرؤية جديدة تعتبر محاربة الأمية وسيلة للإدماج السوسيو اقتصادي للمتحررين من الأمية من خلال برامج ما بعد محو الأمية والخاصة بالأنشطة المدرة للدخل، إضافة إلى الانخراط الفاعل للمجتمع المدني في هذا البرنامج (تنشط حوالي 800 جمعية في مجال محاربة الأمية، فيما تنخرط 400 أخرى في برامج التربية غير النظامية)، مع التذكير بإحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، والدعم الدولي الذي يوليه المنتظم الدولي لمجهودات المغرب في هذا المجال، ومنها جائزة كونفوشيوس لمحو الأمية التي منحتها اليونسكو للمغرب سنة 2012 وتمويل الاتحاد الأوربي لبرامج محو الأمية في 11 أكاديمية يشملها نظام منح شهادات رسمية تفتح لحامليها فرص العمل. على النقيض من ذلك لخص ذ. شاكري أهم التحديات التي سجلها الفاعلون في هذا المجال والتي تواجه برنامج محو الأمية بالمغرب وتحول دون تحقيق أهدافه المرجوة ومنها: غياب الالتقائية بين القطاعات الحكومية المتدخلة في محو الأمية ما زالت الأمية تتغذى من الانقطاع عن الدراسة وعدم التمدرس ضعف التعبئة المجتمعية والسياسية حول الظاهرة محدودية انخراط الفاعلين المحليين، وبعض القطاعات المعنية استقرار الميزانية المرصودة لمحو الأمية وضعف تمويل برامج ما بعد الأمية غياب خريطة مدققة لعدم التمدرس وآليات تحيينها نقص المعلومات، والأبحاث، والدراسات في مجال محو الأمية ضعف وغياب برامج لما بعد محو الأمية لفائدة المتحررين من الأمية ضعف البرنامج العام وعزوف رجال ونساء التعليم عن المشاركة ضعف الربط بين مشروعات محو الأمية وخطط التنمية ظاهرة التسرب من فصول محو الأمية قلة انتظام المستفيدين في دراستهم نقص الحوافز التي تقدم للأميين للالتحاق بمراكز تعليم الكبار ومحو الأمية ضعف إعداد، وتأهيل، وتدريب المكونين في محو الأمية هزالة التعويضات التي يتقاضاها المكونون والمشرفون في محو الأمية تركيز تدخلات الجمعيات في الوسط الحضري على حساب الوسط القروي ولاستشراف آفاق أفضل في هذا المجال دعا ذ. رشيد شاكري إلى ضرورة تبني برنامج تيسير للكبار على غرار ما هو معمول به بالنسبة للمتمدرسين الصغار، وإعطاء الأولوية في التشغيل لحاملي شهادات التحرر من الأمية، مع تحفيز المتدخلين من المجتمع المدني وتبسيط المساطر، وإلزام الجماعات المحلية بالانخراط الفاعل في العملية، وأيضا بقية المتدخلين من القطاعات الحكومية من خلال تفعيل دورية وزيري التعليم والداخلية حول انعقاد اللجن الإقليمية، كما أشار إلى ضرور استيعاب من هم في سن التعليم الإلزامي والحد من الهدر المدرسي. وفي نهاية مداخلته، تطرق الأستاذ إلى أهمية إدماج التكنولوجيا الحديثة في برامج محو الأمية من حقيبة لإلكترونية وشبكة الأنترنيت ولم لا الاستعانة بالهواتف النقالة. تجدر الإشارة إلى أن هذه المائدة المستديرة التي حضرها فاعلون جمعويون ومكونون ومستفيدون ومستفيدات من دروس محو الأمية، عرفت أيضا مداخلة للأستاذ محمد مكواز مفتش تربوي بنيابة فاس سلط من خلالها الضوء على بعض المفاهيم كالأمية وأنواعها وعلاقتها بالأندراغوجيا، وذكر بأهم مبادئ تعليم الكبار؛ ومداخلة الأستاذ محمد الأزهر رئيس مصلحة محاربة الأمية والتربية غير النظامية بنفس النيابة، الذي استحضر أهم إنجازات نيابة فاس في مجال محو الأمية، وطبيعة العلاقة التي تربط المصلحة بكافة المتدخلين، والتي ساهمت في الرفع من مؤشرات محو الأمية بهذه المدينة.