اعتبارا للظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها الشارع العربي من المحيط إلى الخليج، تابع المغاربة وغير المغاربة باهتمام بالغ الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم 9 مارس 2011، حيث سارعت القنوات الأجنبية الى دعوة المهتمين عن مختلف الأطياف السياسية الوطنية لتشريح الخطاب الملكي واستجلاء المستجدات في المنظومة السياسية المغربية. فأول ما اتضح للجميع هو أن الخطاب تجاوب بشكل إيجابي ومتفائل مع انتظارات الشعب المغربي وشعارات 20 فبراير في أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدستورية. ثم إن الخطاب اتسم كما يجب في كل الخطب السياسية بالشمولية ورسم المبادئ والثوابت الأساسية الكبرى، تاركا التفاصيل للجنة مراجعة الدستور التي ستتولى مهمة جسيمة حقا، وستتحمل مسؤولية كبرى في خلق التوازنات وتصحيح العاهات المزمنة ومراعاة التنوع الثقافي وإيجاد الآليات المناسبة المتماشية مع التوجيهات السامية لملك البلاد، إذ لا يليق بالخطاب السياسي أن يكون مباشرا الى حد ترتيب التفاصيل الدقيقة وتحليل المنظومات وشرح مدلول ومنطوق الصياغات، فذلك من مهام الجامعيين والمهتمين بالعلوم السياسية والادارية وعلماء الاجتماع السياسي ورجال الاعلام، الذين يتعين عليهم بالموازاة مع أشغال لجنة المراجعة أن يساهموا في إغناء التشخيص المبكر واقتراح الصيغ التحديثية الكفيلة بدمقرطة هياكل الدولة وأجرأة الممارسات القانونية وفق مسار خارطة الطريق الواردة بالخطاب الملكي. كما أن الترميم الذي سيشمل نظام الوزارة الاولى ومنصب الوزير الاول ، بدءا من مشروعيته المستمدة من القاعدة الشعبية ومرورا بحجم وطبيعة صلاحياته وختما بضرورة مساءلته ومسؤوليته أمام الملك والبرلمان والشعب والإعلام والضميرالانساني، سيضفي على المشهد السياسي المغربي المقبل طابعا أكثر تحررا وشفافية ووتوازنا. وبذلك سيشتد التنافس والصراع أكثر بين الحكومة والبرلمان خدمة للشعب و قضايا الوطن،انسجاما مع فلسفة مبدأ الفصل بين السلط. وبالتالي لا يحق مطلقا تحميل ثقل المسؤولية لأي جهة أخرى غير تلك التي منحت لها الصلاحيات الدستورية لتدبير الشأن الحكومي والعمومي، إلى جانب الأحزاب التي أنيطت بها مهمة تأطير القواعد الشعبية والتحسيس والتربية على المواطنة الصادقة، وتحديث الحياة السياسية بإشراك فئة الشباب وتشبيب القيادات الحزبية وتخليق الممارسات الميدانية في إطار السباق الإنتخابي نحو مناصب تمثيل الأمة والحديث باسم شرائح ومكونات المجتمع المدني المدعو هو الآخر أخلاقيا وقانونيا إلى التجاوب الإيجابي مع التنظيمات السياسية بالتعبير عن أصواته وانتظاراته ورغباته على النحوالذي يخدم مصلحة الوطن والمواطنين، دون الإلتجاء الى المعاملات غير القانونية التي تمس كرامته، من متاجرة في الأصوات الإنتخابية والمساندة العمياء للتنظيمات والأشخاص المحسوبين ضمن أعداء الديمقراطية والتنمية الجهوية والوطنية. وختاما إن من أخذت منه درهما واحدا مقابل صوتك سيأخذ منك غدا عشرة أمثالها، ومن باع لسانه اليوم لايحق له أن يشتكي للحاكم بأنه فقد صوته وأخذ من حقه. وتذكر دوما أيها المواطن الصالح، أن صوتي وصوتك والأصوات الأخرى مجتمعة هي التي تحدد لون حكومة المستقبل القريب وتحدد مصير الأجيال الحاضرة والمقبلة. قال تعالى في كتابه المبين . ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) صدق الله العظيم. [email protected]