قصص رمضانية.. قصة البر بالوالدين (فيديو)    طارق السكتيوي يستدعي 32 لاعبا للدخول في معسكر الاستعداد لنهائيات كأس الأمم الإفريقية للمحليين    عودة حركة السفن بين المغرب وإسبانيا بعد توقف مؤقت بسبب الأحوال الجوية    سبتة المحتلة تستعد لموجة جديدة من الأمطار مع اقتراب العاصفة "لورانس"    قصف يقتل 9 أشخاص شمال غزة    الحسيمة تحتضن النسخة الثانية من أمسيات السماع والمديح    المصارع العالمي "جون سينا" يصور فيلمه الجديد في البيضاء    الصين وروسيا تؤكدان دعمهما الكامل لإيران في مواجهة الضغوط الأمريكية    غدا الأحد .. اضطرابات مؤقتة في حركة القطارات بسبب أشغال الصيانة    المجلس ‬الأعلى ‬للتربية ‬والتكوين ‬يصدر ‬وثيقة ‬‮»‬المدرسة ‬الجديدة‮:‬ ‬تعاقد ‬مجتمعي ‬من ‬أجل ‬التربية ‬والتكوين‮»‬    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    أمواج عاتية ورياح قوية مرتقبة بسواحل طنجة ابتداءً من الاثنين    "العدالة والتنمية": عمليات هدم وترحيل ساكنة أحياء الرباط غير قانونية وشابتها خروقات كثيرة    المغرب يوسع استثماراته في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    توقيف شخص يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    النقابة الوطنية للصناعة التقليدية تنتقد تدبير جمعية الأعمال الاجتماعية وتطالب بافتحاص مالي    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أشجار النخيل    رئيسة المكسيك ترفض تدخل جيش أمريكا ضد الكارتيلات    رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    تأجيل محاكمة برلماني سابق و15 متهما في قضية تفويت أراض سلالية بمراكش    القصر الكبير : انهيار منزل يُصيب سيدة وابنها ويُثير مخاوف السكان    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. فريق الجيش الملكي يفوز على ضيفه المغرب الفاسي (3-1)    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    تصفيات مونديال 2026: نيمار يغادر معسكر المنتخب البرازيلي بسبب الإصابة    دوري الأمم الأوروبية: كورتوا يعود لتشكيلة المنتخب البلجيكي    وزير الداخلية الفرنسي: النظام الجزائري لا يحترم شعبه ويتجاهل معاناته    أعاصير "مدمرة" تضرب ولايات أميركية    صحيفة 'إل كونفيدينسيال' تبرز دور المغرب في نشر إسلام معتدل ووسطي    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب ابتداء من السبت    المغرب والعراق يعززان التعاون الدبلوماسي بإعفاء متبادل من التأشيرات    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    صهيوني مجرم "بيدوفيلي" .. هارب من العدالة الإسرائيلية يعيش بحرية في أكادير منذ عام 2006    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    مركز يستنكر توقيف عملية جراحية    الركراكي : المواجهتان القادمتان لن تكونا سهلتين … ويعطي إشارات للاعب سيكون المميز عالميا … !    استياء عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة    أزمة في المستشفى الجديد بتنغير    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع "قفة رمضان" بالمدينة المقدسة    بيكيه ينهمر في البكاء أمام المحكمة … !    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    بالصدى .. الثقة والزئبق    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نداء وزارة التربية الوطنية : نداء استغاثة أم هروب إلى الأمام ؟ إعداد : د. محمد الدريج


أستاذ باحث في علوم التربية- جامعة محمد الخامس
أصدرت كما هو معلوم ، وزارة التربية الوطنية مؤخرا ، نداء إلى الباحثين والمختصين والخبراء في الحقل التعليمي ، للمساهمة بأبحاث و دراسات تتناول القضايا التربوية ، مع التركيز فيها على تقديم مقترحات /حلول عملية بناءة و كفيلة بتطوير المنظومة التربوية.
يقول النداء والذي نشر على نطاق واسع :”تنفيذا لما ورد في الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2012، وسعيا من الوزارة لترسيخ المقاربة التشاركية ، فإنها تدعو جميع المختصين والخبراء والباحثين والهيئات المهتمة بالحقل التعليمي ، إلى المساهمة بأبحاث أو دراسات تتناول القضايا التربوية ، مع التركيز فيها على تقديم الحلول الناجعة والاقتراحات العملية البناءة الكفيلة بتطوير المنظومة التربوية.
و الوزارة إذ تذكر بأنها تتوفر على تشخيص دقيق لوضعية المنظومة وخاصة الجوانب المتعلقة بالاكتظاظ ، والفائض و الخصاص وإشكالية الأقسام المشتركة وهشاشة بعض البنيات التحتية في العالم القروي والهدر المدرسي والوضعية المادية والمعنوية لنساء ورجال التعليم، فإنها تدعو كافة المختصين والباحثين، إلى إرسال مساهماتهم ، التي يجب أن تخلو من تشخيص الجوانب السالفة الذكر ، إلى الوزارة وذلك عبر البريد العادي ، مع التأكيد على أن الوزارة ستعمل على نشرها وجمعها في كراسات وسيتم عرضها لاحقا على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في حلته الجديدة وفق دستور المملكة.”
وبعد قراءة متمعنة لهذا النداء ، نقدم عليه جملة من الملاحظات الأولية ، على أن نعود إلى الموضوع وإلى إشكالية الإصلاح بشكل مفصل في دراسات لاحقة :
1 – تلمسنا في هذا النداء ، وهو سابقة في بلادنا ، بداية حسنة لخلق نوع من التواصل و تعزيز سبل التعاون بين وزارة التربية الوطنية والخبراء /الباحثين والمتخصصين في علوم التربية ، والذين تجاهلتهم الوزارة ،بل وتجاهلت نتائج البحث التربوي عموما و أعمال الكليات ومؤسسات التكوين ومجموعات البحث وتوصيات المؤتمرات…، لعقود طويلة ، مفضلة التعامل مع مكاتب الدراسات ، خاصة منها المكاتب الأجنبية التي كانت تجني أرباحا طائلة على حساب الخبراء والباحثين المغاربة والذين كانت هي بدورها (أي المكاتب ) تستنزف طاقاتهم وخبرتهم ومعرفتهم بالحقل التعليمي وبسياقه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي …، مقابل تعويضات هزيلة .
2- وكما هو معلوم ، فإن الكثير من الدراسات العلمية والاستطلاعية منها على وجه الخصوص، تستعمل مثل هذه الوسائل في جمع المعطيات (أفكار ، آراء ، مواقف…) وتلجأ إلى توظيف الهاتف أو الصحافة او البريد و مؤخرا البريد الالكتروني …لكن هذا الأسلوب وكما هو معلوم في مجال البحث العلمي ، لابد ان تتوفر فيه بعض الشروط والقواعد منها على سبيل المثال ،وضوح الأهداف و ضبط الفئة أو الفئات المستهدفة والتأكد من توصلها بأداة البحث (الاستمارة… ) والتي ينبغي ان تكون أسئلتها واضحة ومحددة ولا تقبل التأويل و مرفوقة ببرتوكول ملئها والجواب عن أسئلتها مع تحديد لشكل الإجابات وحجمها… كما يهيأ واضعو مثل هذه الاستطلاعات قوائم التفريغ والتي تستعمل في تجميع وتنظيم الآراء والمقترحات ، ثم تحليلها واستخلاص النتائج … و لا شيء من هذا وغيره من أساسيات البحث العلمي، يتوفر في نداء وزارة التربية الوطنية .
3- من الملاحظات التي أثارت انتباهنا في هذا النداء ، هو أنه موجه حصريا للخبراء والباحثين، جميل.. فرأيهم مهم جدا ، لكن هذا يستثني بشكل آلي و غير معقول ، بقية شرائح المجتمع المعنية بالإصلاح و المدركة لمشاكل التعليم وسبل حلها ، ونذكر منها على سبيل المثال القطاعات الحكومية الأخرى ذات الصلة ( التكوين المهني ، الشؤون الاجتماعية، الشؤون الدينية…) المقاولات ، النقابات ، جمعيات المدرسين والآباء والمشرفين و الإداريين التربويين … إلخ . فهل يراد من هذا النداء الالتفاف على المشاركة الحقيقية والإيجابية لكل الفاعلين في القطاع والمعنيين (المكتوين) بقضاياه ومشاكله ؟ ثم ألم يحن الوقت ولم تتوفر الظروف الملائمة ، لعقد مناظرة وطنية ؟ أم النداء هو وقاية مسبقة لما يمكن ان يوجه للوزارة من نقد و ما يمكن أن يعاب عليها من كونها ” تتخذ قرارات فردية ومتسرعة ومرتجلة” في قضايا وطنية مصيرية؟ وهل سيعوض هذا الإجراء الغريب ، توفير ظروف حوار وطني لإصلاح منظومة التعليم والتكوين ببلادنا ؟
4- كيف يمكن للخبراء ان يقدموا اقتراحات دون أن يشخصوا هم أنفسهم الوضعية أو على الأقل دون ان تمكنهم الوزارة من نتائج التشخيص ، الذي تقول وحسب منطوق النداء ، أنها قامت به وتعرف خباياه ، وأنها ” تتوفر على تشخيص دقيق لوضعية المنظومة”.
إن العلاج يرتبط أساسا بالتشخيص . فإذا قلنا على سبيل المثال ، “غياب إرادة سياسية حقيقية للإصلاح والتغيير”، أو”عدم التوفر على فلسفة تربوية واجتماعية واضحة” … فذلك يتطلب بالضرورة ، العمل و الاجتهاد وربما النضال … ، حتى تتوفر تلك الإرادة وهذه الفلسفة . و إذا قلنا على سبيل المثال كذلك (ومع العديد من الهيآت النقابية والسياسية) ” إن أزمة التعليم أزمة مجتمع بأكمله وتتحمل مسؤوليتها كل الأطراف”…. ، وأن “أول خطوة ينبغي تحقيقها قبل الحديث عن إصلاح التعليم ،هي تخليق الحياة العامة لإعادة الثقة في الإدارة ،والقضاء على كل مظاهر الفساد ، و سرقة المال العام، وغياب المحاسبة والمراقبة…”، فكل هذه “التشخيصات” وغيرها كثير، تستدعي بالضرورة إجراءات ومقترحات ملائمة. فماذا سنقترح ؟
5- وكيف يمكن للباحثين تقديم مقترحات و حلول وهم لا يطلعون على الكثير من الحقائق وليست لديهم المعطيات المضبوطة و الإحصاءات الدقيقة ولا يتوفرون على نتائج الافتحاص والتقويم والمحاسبة … و التي من المفروض ان تكون الوزارة ( و أطراف أخرى محايدة …) قد حصلت عليها ، مما أجرته على مشاريع الإصلاح السابقة وخاصة الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج ألاستعجالي . تلك النتائج التي ما لبث المهتمون بالشأن التعليمي يطالبون بالاطلاع عليها ، حتى يتبينون بفضلها التشخيص الدقيق بالأسباب الحقيقية وراء الأزمة وبعوامل الخلل في التسيير والتدبير الإداري والمالي و البيداغوجي …(وليس فقط نتائج الافتحاص الذي يقوم به على سبيل المثال ، المجلس الأعلى للحسابات لبعض المصالح الجهوية والتي يمكن ان تتذرع وتتستر وراء نتائجها المصالح المركزية في الوزارة …).
6- كيف يمكن للخبراء المشاركة في هذا الاستطلاع والاستجابة لهذا النداء (نذكر بان الوزارة لم تتوصل لحد الآن أي 18 أكتوبر، سوى ب10 مساهمات فقط ) والمعطيات التي تقدمها الوزارة ، إما ناقصة أو متناقضة. نأخذ على سبيل المثال تصريح الأستاذ محمد الوفا وزير التربية الوطنية ، أمام اللجنة البرلمانية المختصة بالتعليم والثقافة والتواصل ، حيث أعلن عن فشل البرنامج الاستعجالي ، قبل ان تتراجع الوزارة وتحذف كلمة فشل من بلاغها حول نفس الموضوع يومين بعد تصريح السيد الوزير.والذي ذكر فيه بأن بعض الأكاديميات لم تطبق من هذا البرنامج الاستعجالي سوى خمسة (5) في المائة .
كما ذكر السيد الوزير أن أسباب الفشل تعود لانعدام المقاربة التشاركية ، علما بان الوزارة لم تتوقف في المدة الأخيرة عن إصدار القرارات ،دون أن تنتظر نتائج “النداء ” ،مثل إلغاء بيداغوجية الإدماج ، القرار حول التدريس في القطاع الخاص ، و تدبير الزمن المدرسي …دون دراسات جدية و تقويم موضوعي محايد ودون مشاركة الفاعلين الأساسيين في القطاع.
كما تحدث السيد الوزير في تصريحه أمام اللجنة البرلمانية ، عن انعدام المقاربة التعاقدية و خلل في التدبير المالي …إذن ما نستنتجه ضمنيا من هذا الحديث ،هو أن الفشل ليس فشل البرنامج الاستعجالي وعدم صلاحيته في حد ذاته و لكن الفشل هو فشل في التنزيل و التطبيق ليس إلا. فهل سنلتزم بهذا “التشخيص” في وضع مقترحات الحلول ؟
لكن ليس هذا هو المشكل ،المشكل هو في تناقض التصريحات وتضارب المعطيات . ذلك أن الوزارة في أكتوبر من السنة الماضية وفي معرض جوابها عن سؤال آني لفرق برلمانية ، قالت بالحرف الواحد ، بأن البرنامج الاستعجالي “نجح وبعد سنتين من العمل به، في تحقيق 85 في المائة من أهدافه” ، فمن نصدق ؟ وبمن نثق ؟ وماذا سنقترح ؟.
7- تقول الوزارة بأنها تلتزم بنشر “المساهمات ” التي ستتوصل بها …كيف ذلك ومتى ؟ هل سيتم النشر في مجلة الوزارة أم على موقعها الالكتروني أم في كراسات ومجلدات ؟ وهل ستوزع تلك “الكراسات” ؟ وعلى أي نطاق ؟ وعلى من ؟ ولغاية ماذا ؟ وما هي المعايير؟ ( معايير اختيار المقترحات والحلول الملائمة) وهل هناك لجنة للقراءة سيتم الإعلان عنها ؟ ومن سيقرر في أحسن وأجود وأفيد …مقترح للإصلاح والذي ستثبت عليه الوزارة وتتبناه؟ علما بان الوزارة ستتوصل بالغث والسمين ، بالطويل والقصير، بالجدي و الأقل جدية … ما دامت أسئلة النداء من النوع “المفتوح” ؟ وموجهة لكل الخبراء والباحثين التربويين (وربما بدون تحديد) في جميع الجهات والأقاليم ؟ إننا نطرح السؤال فحسب .
8 – وأخيرا وليس آخرا ، كيف تشرع وزارة التربية الوطنية في إجراءات …وفي جمع معطيات و توفير نتائج بحوث “هلامية”… لتعرضها ، كما تقول، على المجلس الأعلى للتعليم والذي سيتم إحداثه ( ربما هذه السنة وربما السنة القادمة) في صيغته الجديدة كمؤسسة دستورية مستقلة ؟ فهل هي بداية لرسم أسلوب عمل المجلس و”تفكيره” وتوجيه ما ينبغي ان يقوم به …؟ أليس في هذا تطاول ووصاية على هذا المجلس والشروع في إجراءات التبني –الكفالة، حتى قبل أن يخلق ويرزق ؟ إننا نطرح السؤال فحسب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.