إذا كان رمضان من الفرائض الإسلامية الخمس و يهدف الله من وراء فرضه ضبط النفس والإمساك عن شهوتي البطن من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ،بالإضافة إلى شعور المسلم بآلام الجوع والعطش الذي يشعر به الفقراء خلال الأيام العادية ،إلى غير ذلك من الحكم وخاصة ما تعلق بصحة الإنسان من خلال الحمية الوقائية التي يمارسها الصائمون والصائمات ،فان لهذا الشهر الابرك طقوس خاصة تختلف من مدينة مغربية إلى مدينة أخرى ومن بلد عربي أو إسلامي إلى بلد آخر عبر العالم . الطقوس الرمضانية بفاس ولعل ما يميز شهر رمضان بفاس هو الاستعداد المبكر لاستقباله وخاصة من لذن ربات البيوت اذ صاحبات الذوق الرفيع تفضلن القيام بإعداد الحلوات اللذيذة وفي طليعتها كريوش والشباكية وسلو والفقاس بمختلف أنواعه ،في حين هناك العديد من النساء من يفضلن اقتناء هذه الحلويات من من أسواق المدينة العتيقة ،وخاصة من باب السنسلة وبوجلود وغيرهما من الأسواق المنتشرة بفاس إلا أن صناعة الحلويات التقليدية لم تعدصناعتها مقتصرة على المعلمات داخل البيوت والدكاكين ، بل إن المخابز العصرية أصبحت تنافس بائعي هذه الحلويات منافسة قوية . * والمهم من كلامنا هذا هو انه بحلول اليوم الأول من شهر رمضان تكون السيدات انهين كل ما يتعلق بالحلويات استعدادا لأعداد موائد الإفطار الغنية بالحريرة الفاسية ومختلف الحلويات السالفة الذكر إلى جانب الفطائر من بغرير وملاوي وحرشة وغيرها ،كما أن الموائد الفاسية الرمضانية لاتخلو من عصائر الفواكه الطازجة والمتوفرة في أسواقنا المغربية بوفرة . يوميات رمضان بفاس واذا كانت ربات البيوت يقضين يومهن في إعداد مالذ وطاب من الأطعمة ،فان أيام شهر رمضان تختلف عن الأيام العادية ،فالتجار يشرعون في ممارسة تجارتهم متأخرين ولاتفتح الدكاكين بأسواق فاس باكرا بل ان الممارسة الفعلية للعمل تنطلق ابتداء م12زوالا حيث يتوجه الشراة لقضاء مأربهم ،أما الموظفون والموظفات فينطلقون إلى العمل في الأوقات الإدارية المحددة بينما يكون شهر رمضان فرصة جد مناسبة للعمال على اعتبار أنهم يؤدون صلاة الفجر ليتجهوا إلى العمل بعد ذلك . وعندما تغلق الإدارات والدكاكين أبوابها يتوجه اغلب الموظفين ومختلف الشرائح الاجتماعية إلى ممارسة الرياضة وخاصة المشي والركض وكرة القدم إذ تكتظ غابة عين الشقف بالممارسين والممارسات في حين يفضل عدد كبير من أهل فاس التوجه إلى المساجد لأداء الصلاة والاستماع إلى الدروس الرمضانية التي يلقيها علماء فاس . مناوشات وتنكيت مما لاشك فيه آن أعدادا من الصائمين يتعاطون إلى التدخين ا والى استنشاق التنفيحة طابة هؤلاء غالبا ما يشعرون بدوار او قلق بعد مرور ساعات على الصيام نتيجة لعدم تناولهم للسجائر أو التنفيحة ،وغالبا ما يتعرض البعض منهم إلى السخرية و التنكيت من طرف زملائهم الذين يرددون جملا تستفز هؤلاء كترديد عبارة اشعلوا يقصدون السيجارة ، آو الله يرحم من حكها أي طابة فتثور ثائرة المدخن او المتعاطي للتنفيحة الذي يشعر بحرمانه من ذلك التخدير اللطيف اليومي ،وقد يستغل بعض الصائمين الفرصة فتتحول السخرية إلى ما لا تحمد عقباه وتتجلى هذه الظاهرة في الأسواق العمومية الشعبية . ليالي رمضان بفاس بعد تناول وجبة الفطور ومتابعة بعض المشاهد من المسلسلات العربية أو المغربية ،تكون الحياة دبت من جديد في شوارع فاس و اسواقها فيخرج الرجال والنساء لممارسة طقوسهم الخاصة فهناك من يتوجه الى مقهاه المفضل للعب الورق او حل الكلمات المسهمة أو لعب السنطرج وهناك من يتابع الانشطة الثقافية التي تنظمها الجمعيات في حين تكتظ المساجد الفاسية بالمصلين لأداء صلاة التراويح وتستمر ممارسة هذه الطقوس المفضلة إلى اقتراب موعد تناول وجبة السحور. التكافل الاجتماعي من اهم مميزات هذا الشهر الابرك بفاس ،أن الأسر الميسورة تقوم بأعمال اجتماعية إذ تحرس على إفطار الفقراء والمعوزين وتقدم لهم ما لذ وطاب من الأطعمة والحلويات ،وهناك مجموعة من المحسنين من يكلفون أصحاب المطاعم بإفطار كل عابر سبيل أو كل من يرغب في تناول وجبة الفطور. احياء العلاقات العائلية يعتبر كافة المسلمين أن شهر رمضان هو شهر المغفرة والتوبة ،وانطلاقا من ذلك فان أهل فاس يعملون على إحياء العلاقات والروابط العائلية التي أخذت تنحل نظرا للظروف الاجتماعية والتغيير الذي عرفته انماط الحياة العصرية والتي لاتبيح للإنسان ان يتواصل مع أهله وأقاربه ،غير أن شهر رمضان يعمل على القطع بين هذه المظاهر السلبية التي سادت مجتمعنا المغربي وأدت إلى التفكك الأسري ،وهكذا تحيي جل الأسر علاقاتها العائلية من خلال تبادل الزيارت والإفطار المشترك ، وبذلك يكون شهر رمضان عاملا من العوامل التي تساهم في تقريب الأفراد والجماعات ويساهم في تذويب الخلافات . ليلة القدر بفاس إذا كانت ليلة القدر تعد من الليالي المقدسة عند كافة المسلمين وهي خير من ألف شهر كما ورد في القران الكريم ،فان لهذه الليلة بفاس طقوسا خاصة تتجلى في الاستعداد لها بأيام عدة ،ذلك أن الأمهات يتوجهن إلى قيسارية الكفاح سوق خاص بألبسة النساء لقتنين ثيابا قشيبة لصغرياتهن لخياطة قفطار رائع مزركش بالخيوط الذهبية كما أن الآباء يقومون بنفس العملية حيث يخيطون للصغار حلة مغربية مكونة من جلباب حريري وصدرية وسروال قندريسة مع بلغة صفراء فاقعة اللون وطربوش مغربي احمر قان احتفاء بليلة القدر ،حيث تقوم الحلاقات بتجميل العوسات الصغيرات كما تزركش الحنايات أيديهن بالحناء في حين يرتدي الأطفال الصغار جلابيبهم وبذلهم وطرابيشهم الحمراء وبلغهم الصفراء ،وتقام للطفلات طقوس الزواج المغربي حيث يطفن داخل العمارية على نغمات الاهازيج الموسيقية المغربية الشعبية ،حيث تقام هذه الافراح داخل بيوت أسرهن بعد أن يتم استدعاء الأحباب والأصدقاء لحضور هذه المراسيم وعلى نفس المنوال تقام حفلات أسرية للأطفال الصغار . وإذا كانت الأسر الفاسية تقيم الحفلات لأبنائها وبناتها في ليلة القدر ،فان المصورين المهنيين يستغلون هذه المناسبة الدينية حيث يقيمون أعراسا مصغرة قرب الاستديوهات إذ يكلفون نكافة بالعملية كما يستدعون فرقة شعبية للعزف ثم يلتقطون صورا للعرائس والعريسات الصغيرات ،وتتجلى هذه الظاهرة في جل الشوارع بفاس لتظل الاحتفالات قائمة الى موعد وجبة السحور . تلك بعض المظاهر والطقوس التي تميز فاس خلال شهر رمضان وقد تكون هذه الطقوس عاملا مشتركا بين كافة المدن المغربية ،ولعل هذه العادات الجميلة هي التي تساهم بشكل فعال في المحافظة على تقاليدنا المغربية ،وهو ما يميزنا على بقية الشعوب والأمم .