بعد سفر طويل شاق، مَليئ بالمتاعب ومحفوف بالمخاطر، ضاج بالحلم والامل،بالتِّرحال والاقامة في هدا الخراب الكاسح للجسم العربي ، أصبح هدا العالم الدي كنا نراه دات حلم ربيعي بكل ألوان الطيف الزاهية، أصبح يبدو الان بالابيض والأسود ، ففط ليل طويل ثقيل ، الظلام والخفافيشُ تملأ المكان ، صوت البومة وعواء الدئاب يأتيك من كل مكان ، داعش والتطرف بكل أنواعه ، قتل الأصول ، زِنى المحارم ، اغتصاب البراءة ، نبش المقابر والشعودة، حرق النساء والاطفال وتدميرُ المساجد التي كانت في حِمَى الله قبل أن تُدمَر باسمه ، جثث مُشوهة على شواطئ البحار لِشباب مجهولي الهوية، ماتُوا غرقا أو قُُتلوا أو انتحروا هرباً من دمار الحروب والمجاعة، او هروبا من دمار البطالة والحُكّرة والحرمان ، بحثا عن حياة أجمل أو أكثر أمناً أو بحثاً على كرامة سُلبت فصُلبت على مشاجب الأزمات الاقتصادية والأزمة العالمية . بردٌ وصقيعٌ في شتاء فضيع يُجمد الدم في شرايين الاوطان ، ورائحة الموت و الألم والعداب في كل مكان ، وأنينُ الجرحى والجوْعى في فيافي النُّزوح داخل اوطان عربية اسلامية يُلقى بخير أمة في جحيم لا يُطاق، وأشياء أُخرى كثيرة وغريبة، الظاهر منها يُوجع والخفي يُفزع. ومن ما زال على قيد الألم والعداب قد غلبه الانكسار والاحباط والتدمر في هدا الواقع اللاَّ انساني فأُُصِيب َبالخيبة والتشتت في اصقاع الأرض. خيبة الآمال والأحلام سواء على مستوى المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في العالم أو على مستوى القيم الثقافية والجمالية ، زمن الرداءة والانحطاط الثقافي الدي أصبحت فيه الأغاني الهابطة الساقطة أهم بكثير من اشعارالمتنبي وقيس ابن الملوِّح والسِّياب ونازك الملائكة ونزار ودرويش، بل أهم من المعلقات كلها. زمنا أصبح فيه "ألْمِيسِي والرُّولاَنْدُو" أعظم من الخطابي وبن بركة ونِهرو غاندي وتشيغيفارا . زمن امتلاك الحقيقة واصدار الفتاوى الظالمة، التي تُحرم كل ما يخدم الانسانية من تطورات عِلمية وثورات تيكنولوجية ، وضد كل مايُفتِّحُ العقول ويغسل القلوب، من جمال خلاّب وخلق وابداع ، واحلال الدبح والقُبح والسَّحْلِ والقتل ولاغتصاب باسم الله والدين .