دخان في كل مكان، روائح التدخين تتبعك أنا ذهبت، في الشارع، في المقهى، في القطار، في جميع الأماكن، العمومية وغير العمومية، وحتى عندما تدخل إلى منزلك تكتشف بأن رائحة التبغ عالقة في ملابسك حتى الداخلية منها، رغم أنك لست مدخنا، لكنك في القاموس الطبي أنت مدخن رغما عنك فأنت تسمى مدخن سلبي. نحن في حاجة ماسة إلى جمعية أو جمعيات تدافع عن تلك الفئة المستضعفة المسماة غير مدخنة، فلقد انتشر التدخين كالجراد في بلدنا السعيد هذا، وأصبح من سابع المستحيلات أن تدخل فضاء عموميا دون أن تجده ملوثا بدخان السجائر. والغريب في الأمر أنك إذا أبديت استنكارك من دخان سيجارة أحدهم ينظر إليك وكأنك أنت الملام، ولسان سيجارته يقول لك، إذا لم يعجبك الأمر فاذهب إلى مكان آخر، عفوا فلتذهب أنت وسيجارتك إلى مكان آخر، فأنت من يلوث بيئتي، وأنت من تؤذيني سيجارتك اللعينة، وتأكد أنه كلما أمسكت سيجارة بين يديك تتلذذ بشربها فتذكر أن هناك من يراقبك من بعيد ولسان عينيه يقول لك كم أنت غبي، تتلذذ وتنتشي بسيجارة مع كل شهيق تدخل سما إلى جسدك ومع كل زفير تنفث سما زعافا يتلظى به من يوجد في محيطك، كم أنت غبي وأنت تسابق دخان سيجارتك في تدمير جسدك عضوا عضوا، خلية خلية... كم هو مقزز رؤية مدخن وهو يمسك بين أنامله ورقة نيبرو محشوة بعشبة كريهة الرائحة يضعها بين شفتيه ويسمح لها بأن تعبر ذلك الجسد وتفعل فيه الأفاعيل، ألا يكفيك أنها تسبب السرطان؟ ألا يكفيك أيها (الرجل) أنها تنقص من خصوبتك ومن قدرتك الجنسية؟ ألا يكفيك أنها تنقص سنوات من عمرك؟ ألا يكفيك أنها تؤذي صحتك وجيبك؟ ألا يكفيك أنك تؤذي من حولك؟ أين عقلك يا هذا؟ كم تمنيت أن ترفع مقاهينا شعارا وتعلقه على أبوابها، ممنوع التدخين والرزق على الله، فلكم هو مقزز بأن يجلس إلى جانبك أحدهم في المقهى ويستل سيجارته ويبدأ ينفث عليك دخان سيجارته الكريهة بدون أي عقدة وبدون أي وخز ضمير(هذا إن كان له ضمير). فهو لا يحس بأنه يسبب لك الأذى وأنه يلوث بيئتك ويحرمك من أن تنعم بتناول مشروبك المفضل في هدوء وبدون رائحة نتنة، وأجدني مرارا وتكرارا أتأمل وجوه هؤلاء المدخنين وهم يرتكبون تلك الجريمة في حقهم وفي حقنا جميعا بدون أي إحساس بالذنب، فأجدها كالحة شاحبة لا روح فيها، عبارة عن آلة دورها شفط الدخان وإعادة إنتاجه إلى نهاية يوم ما.. فعندما يجلس مدخن بقربي ويشحذ سيجارته غير المرغوب فيها ويبدأ في اقتراف جريمته الشنعاء في حق جسده وفي حق جسدي أتمنى أن أقول له بالله عليك كيف هو حال عائلتك معك،ألا يرف لك جفن وأنت تقبل زوجتك أو أحد أبناءك وفمك "خانز" برائحة الدخان؟ ألا تعرف بأن رائحتك نتنة؟ وبالعامية "ريحتك خانزة". إذن تذكر قبل أن تشعل سيجارتك بأنك تؤذي نفسك وتؤذي من حولك، وفي انتظار أن يفعل قانون منع التدخين في الأماكن العمومية حاول أن تقلع عن التدخين رأفة بنفسك وبعائلتك وبنا نحن أيضا. يونس كحال