صلاح الوديع الأستاذ سعد الدين العثماني، أنت الوحيد الذي سأهنئه هذا المساء للمرة الثانية يُستغنى عنك. من الأمانة العامة البارحة ثم من الحكومة اليوم، أنت الأول على لائحة المغادرين حين يتعلق الأمر بالحفاظ على النواة "الصلبة"... ليس لأنك الأسوأ، وليس لأنك الأقل دماثة خلق، وليس لأنك الأقل كفاءة، لكن لأنك لا تعرف الزعيق ولا السباب ولا الغلظة لأنك الأقرب إلى الأخلاق والأبعد حقا عن الدفاع عن نصيب من الكعكة لنفسك لأنك مترفع عن السفاسف...
إلى اليوم، لم يستطع مقيلوك من الأمانة العامة أن يقنعوا أحدا بأن من عوَّضك فيها أحق بها وكم من مجزرة دمغت بنتيجة الصناديق في عدد من المرات – ربما أكثر مما نعتقد – يكون الصندوق أمضى سكين لذبح الاختيار الأسلم وأنت تعرف بمراسك الطب-نفسي كيف تنقلب الأشياء إلى أضدادها في النفوس وكيف يشير المرء إلى اليسار حين يريد الذهاب إلى اليمين وكيف يُشْهِدُ المرءُ كعبةَ المؤمن وهو أقرب الخطائين إلى بيداء الروح أنا على خلاف مع الأفكار التي تحملها لا مع خلقك الحسن،
على خلاف مع الاختيارات التي تريدها لبلادنا وقد ناهضتها ولا أزال لكن لست على خلاف مع ميلك الصادق إلى التعقل والرزانة وجمع الطاقات عوض التشنج والتشبث بالمضحكات المبكيات، ولأنك بقيت أنت كما أنت بقيمك وتواضعك، بلا بهرجات ولا خرجات ولا فولكلور ولا تسويغات آخر ساعة، عدا دفاعك عن وطنك حين توجب ذلك وأنت في موقع المسؤولية، لذلك ستكون أنت من أهنئه هذا المساء...
ولأقول كذلك أنني أشعر بالمرارة معك أو... سأشعر بها وحدي حتى لا أحرجك لأن "بروتوس" موجود في كل مكان وزمان لكنك تكاد تردد مع نفسك بيت الشاعر العربي الخالد:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر مع المودة