[COLOR=darkblue]آليات السيطرة الإمبريالية ونتائجها على المغرب[/COLOR] [COLOR=red]بقلم: بوجمعة سبيع [/COLOR] إن السيطرة الكولونيالية كإطار محدد لتطور نموذج التراكم التابع في المغرب أحدثت عدة كسور في التشكلة الاجتماعية المغربية كانت من نتائجها ظهور اضطرابات عميقة في شروط معيشية، وعمل الجماهير، وإعطاء بعد جديد للإنتاج الاجتماعي، بعد اقتصادي رأسمالي بدل البعد الاجتماعي والديني وإضفاء طابع جديد على الملكية ومنطق آخر لعلاقاتها. إن أعمال الغزو [COLOR=black]«العسكري والسياسي والإداري والاقتصادي والثقافي»[/COLOR] وانتزاع أراضي الفلاحين وملكية القبائل والدولة، والأوقاف، وضرب الملكية الجماعية للأرض، وتشجيع الملكية الخاصة وتوسيع نطاقها، وتحويل الأرض إلى سلعة، قد شكلت جميعا الأساس الاقتصادي الذي تكونت على أرضية الملكية الكولونيالية، ونظم انطلاقا من مسلسل تهميش الجماهير وتفقيرها. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dbd4b4d6e.JPG[/IMG] لهذا لا يمكن الحديث عن الهجرة الداخلية والخارجية والتبعية إلا في ارتباطها بوجود وتطور الامبريالية في المغرب، حيث نجد (لينين وروزا لوكسمبورغ...إلخ) عملوا على الربط بين تطور الرأسمالية وضرورة التبادل الدولي، فقد سبق [COLOR=darkblue]لماركس، (وخاصة فيما يخص مفهوم الاستغلال). (Le concept de L"exploitation)[/COLOR] أن الربط بين توسع القاعدة الرأسمالية و"رعب فائض العمل Horreurs du surtravail من جهة أخرى، ويرى [COLOR=darkblue]لينين بأن الرأسمالية تشكل عاملا من عوامل هجرة الشعوب (un facteur de transmigration)[/COLOR] حيث خضع المغرب "كباقي دول العالم الثالث" إلى حركة رأسملة أي إنتاج البلدان المستعمرة تتحقق ضمن حركة تهديم وتفكيك للبنية الاجتماعية والاقتصادية معنى ذلك أن تطور الرأسمالية في بلادنا لم يكن نتيجة لتطور "طبيعي" لنظام الإنتاج السائد قبل استعمارها بقدر ما كان نتيجة لاستعمارها، أي ربطها تاريخيا وبنيويا عن طريق العلاقة الكولونيالية بالإنتاج الرأسمالي، عن طريق تفكيك البنية القبلية التي تعرضت له التشكلة الاجتماعية ثم إدخال المغرب في محور الدول التابعة الديلية بالبلدان "المتروبولية" لهذا فالتخلف ليس إلى حد كبير إلا نتيجة تاريخية للعلاقات الماضية والحاضرة الاقتصادية وغيرها التي ربطت وتربط البلدان الذيلية المتخلفة بالبلدان المتروبولية النامية، إن هذه العلاقات تمثل جزءا هاما من بنية وتنمية النظام الرأسمالي العالمي في مجموعة ذلك أن عاصمة (متروبولا) وطنية أو محلية تعمل على المحافظة على البنية الاحتكارية وعلى علاقات الاستغلال التي تميز النظام الرأسمالي طالما كان ذلك في خدمة مصلحة المتروبولات. لهذا ليس تخلف المغرب إلا نتيجة مساهمته الطويلة في تنمية الرأسمال العالمي. "أما [COLOR=darkblue]سمير أمين، [/COLOR]الذي يشدد على المسألة الهامة، والقائلة بأن بناء التكوين الاجتماعي الرأسمالي في البلدان المستعمرة (المحيطية) L"ensemble d"une. Formation sociale capitaliste (L"apériphérie) أو التي كانت مستعمرة من قبل المراكز (Le centre) الحالية للهيمنة (المركز) (L"instauration) كانت تتطلب الإكداح Prolétarisation (أي تحويل الفلاحين والحرفيين إلى الإنتاج الرأسمالي، وتراكم رأس المال النقدي الأمر الذي يفترض هدم أنماط الإنتاج القائمة بواسطة العنف (العسكري- والإداري والاقتصادي) مما يترتب عليه حركات هجرة واسعة النطاق. لهذا لابد من العودة إلى تاريخ المغرب قبل المرحلة الكولونيالية لأن هاته العودة ضرورية لأنها تسمح لنا بفهم الطريقة التي اتخذها المستعمر من أجل تفكيك البنية الاجتماعية ما قبل الكولونيالية من أجل إدخال المغرب ضمن السيرورة التاريخية للاستعمار مع كل ما تحمله هذه السيرورة من أشكال عنف متعددة، أدت إلى تفكيك البنيات الاجتماعية الماقبل الرأسمالية وإلى هيكلة الاقتصاد المغربي بما يتلاءم وحاجيات البلد المستعمر "الميتروبول". حيث أصبح المغرب (في المرحلة الأولى حتى 1850) امتدادا للسوق الفرنسية، ثم في مرحلة ثانية (منذ عام 1960) امتدادا لعدد من بلدان أوربا الغربية. لهذا ينبغي ربط ظاهرة الهجرة بالتغلغل الامبريالي بالمغرب (قبل سنة 1956) أي اعتبار ظاهرة الهجرة بمثابة تركة فرنسية-اسبانية في المغرب (L"héritage – franco-aspagno) ودراسة وقع الاستعمار الجاثم على البنى الاجتماعية Structures Sociales، وعلى نمط الإنتاج Le Mode de production والبنية العقارية Structures foncières وتيارات التبادلات الداخلية والخارجية ومدارتها، وأخيرا على النظام الثقافي في الإيديولوجيا Le système culturo-idéologique الذي أدى بدوره إلى تنامي الهجرة منذ 1960، كما أن تنامي الهجرة يعكس تناقضات المجتمع والاقتصاد المغربي على طول الزمن. [COLOR=royalblue]* آليات السيطرة الرأسمالية على المغرب:[/COLOR] للسيطرة الامبريالية على المغرب تاريخ، وتاريخها لا يبدأ من سنة 1912 إبان توقيع معاهدة الحماية بحيث إذا نحن حصرنا سيطرة الامبريالية في محتواها السياسي المباشر، وانطلقنا من تاريخ التوقيع على الحماية 1912 سنكون وقعنا في نفس الخطأ الذي وقع فيه بعض الدارسين الذين انطلقوا من السيطرة الكولونيالية المباشرة التي بدأت مع الحماية كمنطق بحث تاريخ تكون التبعية بالمغرب، بل وحتى سنة 1906 بعد اتفاقية الجزيرة الخضراء، إذ تمت علاقات التبعية في المغرب وبداية ظهور أشكالها لها تاريخ بدايته تتمثل في تلك التصادم العنيف الذي حصل بين بنيتين متفاوتتين من حيث مستوى تطورهما: التشكلة الاجتماعية الرأسمالية من جهة، والتشكلة الاجتماعية الرأسمالية الأوربية من جهة أخرى. وفي هذا السياق إذن أصبح المغرب يشكل قوة جذب لأطماع الامبريالية مع إقرار [COLOR=black]"نظام الباب المفتوح"[/COLOR] سنة 1956 كتعبير حقوقي وسياسي للغزو التجاري. وسياسي الاستعمار حيث تم إدماج الاقتصاد المغربي على أرضية ذيلية تبعية للمركز الامبريالي الأوربي. (ومنذ إقرار "سياسة الباب المفتوح" حيث تم تراجع الاقتصاد المغربي نتيجة لاتساع واردات المغرب) بحيث سجلت فترات التراجع الاقتصادي التي كانت تنعكس على وثيرة اتساع واردات المغرب بحدة أقل من صادراته، وبذلك نجد أن أزمة 1856-1859 قد أدت إلى انخفاض بقيمة 60% من الصادرات بينما لم تتراجع الواردات إلا ب 80%. لكن الضربة القاضية التي حسمت ذلك الصراع نهائيا لصالح الفتح التجاري الأوربي، فقد تمثلتها تاريخيا الحرب المغربية الاسبانية المعروفة بحرب تطوان سنة 1860. وبعد الهزيمة تم إثقال المغرب بالغرامات والتعويضات والديون (التي مثلت الدعامة الأولى للسيطرة الامبريالية لاحقا) حيث تم خنق الفلاحين بالضرائب لحد الاستنزاف التام مما أدى إلى فرار القبائل نتيجة للضرائب التي فرضت عليهم. وكنتيجة للتعويضات الباهظة الناتجة عن الحرب نتجت أزمة 1874-1884 فقد أدت إلى تراجع اقتصادي قيمته 45% بالنسبة للصادرات و28% فقط من الواردات. لهذا نلاحظ بأن دخول بضائع الصناعة الرأسمالية الأوربية للمغرب، بالكثافة التي أسستها حرب تطوان، ستكون لها أبعاد تاريخية كبرى كان أبرزها بداية انهيار الاقتصاد الطبيعي الفلاحي والرعوي بالمغرب هذا ولا يفوتنا أن نشير إلى الشروط التي مهدت لإعلان الحماية على المغرب فقد توفرت أثناء النصف الثاني من القرن السابق حيث تم إبرام سلسلة من الاتفاقيات التجارية مع مختلف البلدان الأوربية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، اسبانيا) نذكر منها معاهدة "مهادنة وأمن واحترام" مع انجلترا في سنة 1856 والتي منحت لها عدة امتيازات اقتصادية وقضائية وكذلك معاهدة 1860/1861 مع اسبانيا، ومعاهدة 1863 مع فرنسا، واتفاقية مدريد 1880، كما تم فتح موانئ جديدة وأصبح بنك طنجة يمثل منذ 1882 العديد من البلدان الأوربية التي كان لها محميون من اليهود المغاربة واتفاقية مدريد 1880 والجزيرة الخضراء 1906 والتي كانت كلها تهدف إلى تثبيت سياسة الباب المفتوح وتأكيد حق الملكية للأجانب في المغرب ودفع الحواجز الجمركية أمام حركة الرأسمال الأجنبي. وتجدر الإشارة إلى أن حركة طرد سكان الأرياف اتخذت طابعا كثيفا بموازاة توسع علاقات الإنتاج الرأسمالي مجسدة بذلك التحولات العميقة التي تعرضت لها البنية الاجتماعية والاقتصادية فمن أصل 2,2 مليون فلاح مغربي اقتلعوا من الريف خلال الفترة ما بين 1900/1971 نزح 4% منهم نحو المدن بين 1900/1912 وهذا ما يمثل 93500 مهاجر. [COLOR=blue]*العنف المسلح في المرحلة الكولونيالية: [/COLOR] أكدنا سابقا على ضرورة العودة إلى تاريخ الماقبل الكولونيالية من أجل فهم التشكلات الاجتماعية القبلية والكيفية التي تم بها تهديم وإعادة انتاج تشكلة اجتماعية تابعة للمراكز الكولونيالية. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dbd4d31b9.JPG[/IMG] يمكن رسم التنظيم الاجتماعي للبادية المغربية قبل الاصطدام مع الاستعمار الأوربي على الشكل التالي: "هناك أولاد الأغس (الأسرة الأبوية)، ثم (الفيدرالية القبلية) (فالكنفدرالية القبلية) وأخيرا المؤسسة المخزنية التي تبسط نفوذها على عدد من (الكونفدراليات القبلية). والقبلية تتكون من "أسر أبوية" وهي عبارة عن أسرة كبيرة مشتركة تعتمد في نشاطها الإنتاجي على اقتصاد الكفاف الطبيعي... قادرة على إنتاج كل حاجياتها المعيشية الضرورية. ومن أجل تفكيك الكيانات الأصلية القبلية، لقد استخدم المستعمر الحرب السياسية والنفسية المقترنة بالعمل العسكري، حيث استمرت هاته الحرب ما يقرب من 25 سنة 1912/1932 من أجل إخضاع القبائل التي كان لها استقلال سياسي عن السلطة المركزية بالمغرب منذ قرون. ولعبت الروح العسكرية دورا حاسما في نطاق السيطرة على الدائرة السياسية كما يتضح ذلك من خلال الأعداد الكبيرة من القوات التي تم تجنيدها لاحتلال البلاد: فقد تم إرسال 50.000 جندي سنة 1912 ولكن هذا العدد لم يلبث أن ارتفع إلى (395000) عسكري أثناء حرب الريف دعموا ب 400000 مجند إضافي يقودهم 60 جنرالا، وشنت القواة العسكرية الاستعمارية " بين عامي 1907 و 1934 أكثر من 600 عملية عسكرية ومعركة ضد القبائل عبر التراب الوطني، ومن أجل القضاء على المقاومة الفلاحية استخدمت هذه القوات العسكرية الهامة في حرب اقتصادية ضد السكان، حيث التجأ المستعمر إلى تطبيق " سياسة الأراضي المحروقة (حرق الحصاد، وقصف الأسواق، وهدم المخازن الجماعية، وقتل قطعان الماشية وهدم التجهيزات المائية... الخ).إن هذه الحرب التي شنتها القوات الفرنسية، طوال ما يقرب من 25 عاما ضد القبائل المغرية (حرب الريف-الأطلس المتوسط والأطلس الكبير) "كانت أول عوامل التفكك العنيف الذي تعرضت له البنية القبلية" حيث تم تقطيع أوصال كتلة القبائل عن طريق العنف، حيث تم حصر القبائل في الجبال، وإهلاك المواشي من خلال عمليات القصف الجوي أو حرمانها من المراعي، وحرق القرى بأكملها نتيجة للقصف العشوائي والهمجي ولهذا فقد كان القمع العسكري، والقمع السياسي، وتجنيد الفلاحين بالقوة، والحرب الاقتصادية ضدهم... إلخ، تشكل عوامل حاسمة في التزعزع الكبير الذي تعرض له المجتمع المغربي وكذلك التصدع التدريجي للبنى القبلية على طريق الأكداح. لكن المقاومة المغربية، أظهرت مقاومة عنيفة التي قادها الزعماء القبليون المحاربون، مقاومة شرسة فالضباط الفرنسيون أنفسهم يعترفون بأن القبائل كانت لا تقبل إلقاء السلاح، إلا إذا اضطرت إلى ذلك اضطرارا، وبعد أن تكون قد استنفذت كل امكانيات المقاومة، وبعد أن نجح الغزو العسكري والسيطرة السياسية والإدارية الشاملة على الهياكل الاجتماعية الفلاحية تم فرض ما اصطلحت السلطة المركزية على تسميته ب "التهدئة" "Pacification" في منتصف الثلاثينات هذه التهدئة الموقعة مع قواد القبائل حيث اظهر للمخططون الاستعماريون أهمية الاعتماد على القواد في بسط نفوذهم في باقي المناطق المغربية الأخرى، بحيث عملوا على تصميم النظام القيادي ليس فقط في المناطق التي كانت تابعة للمخزن، بل أيضا في بعض "مناطق السيبة"، كما اعتمد أحيانا في ذلك على بعض الوسائل السلمية إلى جانب الأسلوب العسكري أما سياستها تجاه زعماء القبائل المنهزمين، فلم تكن ترمي إلى التخلص منهم، بل الاستفادة منهم عن طريق الاحتواء والتأطير عبر سياسة التهدئة، فالفرنسيون قد ركزوا الزعيم الذين يعرفون أنه يتمتع بنفوذ داخل وسطه الأصلي والسكان يفضلون طاعة أوامر الزعيم الذي اختاروه هم بأنفسهم للدفاع عن وجودهم وحريتهم بدل ضيعة يفرضها عليهم المنتصر الأجنبي وبعد أن نجح الغزو العسكري في السيطرة على الهياكل الفلاحية وأكداحهم، اضطر المغرب أن يكون مصدرا واسع النطاق للمهاجرين الموسميين أو الدائمين الذين تركوا أراضيهم بصفة نهائية والذين شكلوا جمهور الكادحين الزهيدي الأجور في المناجم وفي المزارع الأوربية وفي المصانع في مرحلة لاحقة. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dc32d6bff.JPG[/IMG] [COLOR=blue]* العنف الإداري ودوره في تفكيك التشكلة الاجتماعية ما قبل المرحلة الكولونيالية:[/COLOR] لا يمكن فهم عملية التفكيك التي مورست على الهياكل الاجتماعية الفلاحية دونما العودة إلى التنظيم الذي فرضته الدولة الاستعمارية على المغرب. إن المغرب قبل السيطرة الكولونيالية كان يعتمد على "نمط انتاج قبلي جماعي" إلى حد ما ولم تكن القيمة الاستعمارية للأرض خلال المرحلة ما قبل الاستعمارية، أكثر من "أراضي ملك تصرف" أي أنها لم تكن ملكية خاصة بالمعنى الرأسمالي لكن سوف يعمل التدخل الكولونيالي على تكسيرها عسكريا وسياسيا وقانونيا، وسوف يمنح النظام العقاري المغربي القاعدة العقارية القاعدة والراسخة التي طالما افتقدها، وبعد فرض النظام الإداري الاستعماري (ملكية الأرض) تم تفويت كثير من الأراضي إلى المعمرين وفي هذا الصدد يقول Y.Banquec: "إن الوضع القانوني لأملاك الريفية المستند إلى الشريعة القرآنية، ظل غامضا حتى تاريخ فرض الحماية على المغرب وقد أدى نظام تسجيل الأراضي إلى إزالة هذا الغموض وسهل نقل الملكية الريفية إلى الأوربيين. لكن الفلاحين كانوا مصرين على عدم بيع أراضيهم مهما كلفهم الثمن، حيث نجد أن الفلاحين كانوا يرفضون تسجيل ملكيتهم بشكل منفرد بل يذهبون جماعة من أجل تسجيل أراضيهم بشكل جماعي حيث نجد أنه من الصعب الحصول على أراضي الملك، ففي كل مناطق المغرب تقريبا، كان الأهالي يرفضون بيع أراضيهم للمستعمر، ومن أجل القضاء على مفهوم "حيازة الأرض" ، وتدمير الملكية الجماعية للأرض والمراعي الجماعية صدر عام 1914 ظهير نص على حق نزع الملكية وفي عام 1919 صدر ظهير ينص على عدم جواز التنازل على الأرض أو الحجر عليها، وقد ترتب على ذلك تمركز للملكية العقارية في يد العملاء ( الكلاوي – المتوكي) والمستعمرين " أدى إلى فصل المنتجين المباشرين على وسائل انتاجهم " بحيث وجدوا أنفسهم بدون أرض ولم يبق لهم سوى عملهم داخل مزارع المستعمرين أو كأقنان في أراضي الإقطاعيين أو الهجرة إلى المدن. هكذا أصبح النظام العقاري بمثابة وحش حقيقي دمر التوازن القبلي وحطم البنية القبلية، وهذا ما أدى إلى موجات الهجرة نحو الداخل والخارج، توافقت مع الأعوام 1920/1925/1938/1940/1943 إلى 1946. [COLOR=blue]* العنف الزراعي في المرحلة الكولونيالية [/COLOR] ساهم العنف الزراعي المتمثل في إدخال المحاصيل التجارية في تفكيك التشكلات الاجتماعية التابعة والغير المتجانسة hétérogéneisées إلى التشكلات الاجتماعية الرأسمالية المتقدمة "المركز" والتي تشكل نسقا متماسكا ومتوازنا. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dc33044b7.JPG[/IMG] وحسب روزا لوكسمبورغ، يبدو أن السوق الخارجي من وجهة نظر الإنتاج الرأسمالي هو سوق الرأسمالية، أما السوق الخارجي بالنسبة للرأسمال هو الوسط الاجتماعي الغير الرأسمالي ويقول لينين في هذا الصدد "أن تواجد السوق الخارجي ضروري لأن الإنتاج الرأسمالي يعني أساسا الميل نحو التوسع مع الغير المحدود، بالتعارض مع كل ما يوجد من أنماط الإنتاج القديمة في النظام الرأسمالي التوسع الغير المحدود المستمر أصبح قانونا للإنتاج، ومن أجل حصول الميتروبول على كل حاجياته من المواد الغذائية والمواد الضرورية الأولية التي لاينتجها الميتروبول أو تنتج منها كميات غير كافية ثم اغتصاب المغرب وبالتالي "راسملته". يصرح الجنرال ليوطي نحن نريد احتلال المغرب النافع... وهذه المناطق التي يعتبر الحصول عليها ضروريا لتهيئة المغرب الاقتصادي وتجهيزه تجهيزا كاملا بسبب ما تزخر به مواد طبيعية وقوى مائية وغابات ومواشي ومراعي. أما تيودور متيغ – خلف اليوطي يقول:" إن فرنسا تلقت وتنتظر أن تتلقى منكم المزيد من المواد الغذائية والمواد ذات الضرورة الأولية التي لا ينتجها الميتروبول أو تنتج منها كميات غير كافية أنها تطلب من المغرب كميات وافرة أكثر من المواد سطح وباطن الأرض التي من اللازم عليها أن تشتريها من الخارج على حساب عملتها الوطنية. إن تدمير القاعدة الاقتصادية للجماهير الفلاحية التي كانت تشكل انذاك 95% من مجموع السكان كانت في نظر "ليوطي وخلفائه" أنجح الوسائل الهادفة إلى القضاء على التكوينات الاجتماعية القائمة. ولهذا الغرض طبقت أعداد كبيرة من النصوص القانونية التي كان هدفها الوحيد تنظيم نهب أراضي الفلاحين، حيث نهبت الأراضي الجماعية. فإذا كانت مساحات الأراضي التي ملكها المعمرون في فترة فرض الحماية على المغرب تبلغ 80 ألف هكتار فإن هذه المساحات ارتفعت إلى أكثر من مليون هكتار في أواخر عهد الحماية، أي أنها تضاعفت ب 13 مرة تقريبا في غضون 30 سنة. ونتيجة الأعمال التعسفية والإرهابية التي كان ينهجها عملاء الاستعمار وأعوانه ضد القبائل تمت الهجرة على شكل وفود إلى المدن. ذكر روبيرمونطان : أنه في سنة 1922، استولى (قائد) على مجموعة مياه القبائل الواقعة تحت سلطته وحكم هذه القبائل جوعا أو فرارا، وفي سنة 1927 غادرت 800 عائلة قراها، في قبيلة " دمسيرة" نتيجة بطش "الهة الأطلس". حيث تم اغتصاب المستعمرين للأراضي الجماعية وطرد الفلاحين من قراهم حيث بلغت مساحة الأراضي المستهدفة ما يزيد على 100.000 هكتار سنة 1913 وارتفعت نسبة الأراضي المغتصبة من أهاليها إلى 1100.000 هكتار حوالي 1956، حيث استولى المستعمرين على 27,5 من الأراضي الفلاحية قبل الحرب العالمية الثانية حيث بلغ 4000.000 هكتار وهكذا تم دمج الفلاحين بشكل فجائي وعنيف في الاقتصاد النقدي الشديد التعقيد كما أدت عملية "الرهن" في كل مكان "مؤديا في غالب الأحيان" إلى تجريد الفلاحين من أراضيهم". إن هذا النموذج إذا نظرنا إليه من ناحية اجتماعية، سيؤدي إلى ظاهرة خاصة: تهميش الجماهير ويعني ذلك مجموعة من آليات التفقير حيث الأشكال متنوعة: [COLOR=red]تتوزع الملكية الزراعية بالنسبة المئوية كما يلي:[/COLOR] -في سنة 1932 بلغ عدد الملاكين المتوسطون والكبار 17%، وفي سنة 1952 10%. -وفي سنة 1932 بلغ عدد الملاكين الصغار 50%، وفي سنة 1952 30%. -أما فيما يخص عدد المستغلين غير الملاكين سنة 1932 وصل 33%، وفي سنة 1952 وصل 50%. إن هذا التوزيع يبين التكديح المستمر بالنسبة لصغار الملاكين ففي ظرف عشرين سنة كان مصير 40% من الملاكين الصغار تعزيز صفوف الجماهير الكادحة الذين لا أرض لهم وتعزيز صفوف العاطلين في المدن أو كمستغلين في المزارع الرأسمالية. وكان مسلسل التفقير يتطور بتطور المستوطنين الفرنسيين في المغرب حيث تطور عدد المستوطنين الفرنسيين بشكل سريع، ففي سنة: -1921 515550 شخصا -1926 74.558 -1931 128.177 -1936 152.084 -1947 266.133 - 1952 360.000 كما تطورت مساحات الاستعمار الزراعي بشكل سريع ما بين 1913 و1953، حيث شكلت مجموع أراضي الاستعمار الخاص والرسمي 80.000 هكتار سنة 1913 وفي سنة 1922 ارتفعت إلى 180.000 هكتار ووصلت إلى أقصى حد لها سنة 1953 حيث وصلت إلى 1.017.000. أما فيما يخص التفكيك الذي مورس على البنية الصناعية التقليدية من طرف الاقتصاد العصري، نجد أن الاقتصاد التقليدي يشغل 70% من السكان النشيطين، لكن لا يساهم إلا بحوالي 30 % في الإنتاج الداخلي في حين أن الاقتصاد الكولونيالي "العصري" الذي يشغل 30% فقط من السكان النشيطين يساهم ب 90% . لهذا نجد أن تدفقات المهاجرين وطرد الفلاحين باتجاه المراكز الحضرية قد ازداد بشكل مدهش حيث وصل العدد الإجمالي للمهاجرين سنة: -1900 360.000 -1912 500.000 -1912 1926 1070.000 -1936 1952 2.000.000 مما أدى إلى زيادة سريعة في عدد السكان بالمدن، وقد ارتفع عدد المهاجرين من 360 ألف شخص في عام 1900 إلى 2 مليون شخص في عام 1952 إن هذه الزيادة ترجع بالأساس إلى عملية طرد الفلاحين من قراهم. [COLOR=blue]* العنف الثقافي في المرحلة الكولونيالية: [/COLOR] إلى جانب الغزو العسكري والاقتصادي والسياسي، اهتمت السلطات الاستعمارية بغزو أكثر خطورة ألا وهي الغزو الثقافي. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dc8c2ca3c.JPG[/IMG] ففي هذا الصدد يمكن الحديث عن كتاب الانتروبولوجية الاستعمارية حيث ظهر كتاب مولييراس "المغرب المجهول" وهو أول بحث استعماري متكامل حول المناطق المغربية سنة 1895. كما صدر كتاب آخر حول "منطقة سوس" تحت عنوان "البرابرة والمخزن" سنة 1930 وهو يصادف إعلان الظهير البربري(17 مايو 1930) الذي أرادت الحماية بموجبه تقسيم المغرب إلى مناطق شرع تابعة للمخزن و وأخرى تابعة للعرف. كما تم خلق "البعثة العلمية" في طنجة سنة 1903/1904 من طرف Alechatelier ، وفي سنة 1907 أصبح ميشو- بيليير B. Michaux Bellair) مديرا للبعثة العلمية: الذي صرح بأن الهدف من هذه البعثة هو البحث في عين المكان عن وثائق تسمح بدراسة المغرب وبإعادة تركيب تنظيمه وحياته، ليس فقط بمساعدة الكتب والمخطوطات بل وكذلك بفضل المعلومات الشفوية، وتراث القبائل وجماعات الطرق الدينية (Confrérie). أما الهدف من إدخال التعليم الاستعماري للمغرب هو المحافظة على المراتب على أن يظل الناس والأشياء في أماكنهم السابقة وعلى أن يظل الرؤساء الطبيعيون هم الآمرون، والآخرون هم المطيعون. ولهذا الغرض عمل الاستعمار على تهميش اللغة العربية وعلى فرض اللغة الفرنسية داخل المدارس بهدف التركيز على جوانب التاريخ الذي يبرز الدور الإنساني لفرنسا وعظمتها، كما كانت فرنسا تهدف إلى تكوين نخبة مثقفة تكون بمثابة عميل لها، لهذا الغرض أنشأت مدارس "أبناء الأعيان" والثانويات الإسلامية الهدف منها تهيء الوظائف الإدارية والتجارية، والمدرسة الحضرية تعمل على إعداد أولي للمهن اليدوية. أما في البادية فقد أنشأت مدارس قروية لتعليم الفلاحة، وهذا التعليم الطبقي كان يهدف إلى إنشاء نخبة عملية يتخذها المستعمر كصلة وصل بينه وبين الأهالي، وهذا ما عبر عليه هاردي عندما قال: "إن عملنا الكبير هو من أجل التجديد الثقافي، يجب أن يقتصر على الأطر التقليدية لهذا المجتمع، إنه يتوجه إلى البورجوازية التجارية والزراعية، ويتوجه نحو رجال المخزن ونحو رجال الدين... وبكلمة واحدة نحو النخبة. بالإضافة إلى العنف العسكري والإداري والسياسي والثقافي هناك عوامل أخرى أدت بدورها إلى انطلاق سيرورة الهجرة من القرى ترجع هذه العوامل إلى الظروف والأوضاع المناخية الذي تتميز بعدم تهاطل الأمطار بشكل منتظم، حيث ترتبت عن ذلك مجاعات خيمت على المغرب على طول السنوات التالية: 1904/1905/1910/1913/1921/1928/1937/1945. [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c04dc8c2d20c.JPG[/IMG] وهي الأخيرة كانت عامة على كل مناطق المغرب حيث نجد أن قبائل بأكملها هاجرت أراضيها إلى المدن، كما أن الصحراء تزحف على 100 متر سنويا. السبب الذي يدفع بالسكان المحادين للصحراء إلى الهجرة بخيامهم نحو الداخل كما أصبح "الجراد" يهدد المنتوج الفلاحي بالمغرب السنة الماضية على سبيل المثال، خاصة منطقة الجنوب المغربي. ولا يزال معرضا لأضرار وغزوات الجراد حيث يهجر السكان أراضيهم في اتجاه الشمال. [ALIGN=LEFT][COLOR=red]بقلم الباحث: بوجمعة سبيع [/COLOR] -------- [COLOR=darkblue]المراجع:[/COLOR] [ALIGN=LEFT]-FREDERIK ENGELS= LASITUATION DE CLASSE L ABORIEUSE EN ANGLETERRE EDITION SOCIALS P ARIS 1960 ANDRE GUNDER FRANK=LE DEVELOPPEMENT DE SOUS DEVELOPPEMENT ED –MASPIRO P343 -R-MONTAGNE =NAISSANCE DU PROLITARIAT MAROCAIN –PARIS 1946 =LES BERBERES ET LE MAKHSEN DANS LE SUD DU MAROC . -DANIAL RIVET=LYAUTEY 1912 1925 –HARMATAN PARIS 1988 AUGUSTE MOULIERAS=LE MAROC INCONNU 1930 - MICHAUX-BELLAIRE=LA MISSION SCIENTIFIQUE DU MAROC 1925 -SAMIR AMIN=DEVELOPPEMENT AUTO-CETRE HARMATTAN1980 -R-ESCALLIER=CITADINS ET ESPACE URIN AU MAROC TOURS1981 -بول با سكون :تطور الراسما لية في حوز مراكش في عهد الحما ية -دا نيا ل ريفي : المدرسة الاستعمارية في المغرب منشورات دار النشر المغربية عبد الله بارودي : المغرب و الهجرة والامبريالية -د سويرنجن = الارض والسيا سة والسلطة بالمغرب –مجلة ابحا ث ع22-23السنة 1989