خليل بورمطان * : الشعب يصنع التغيير في تونس التي ارتبط بها ذلك البيت الشعري الشهير "إذا الشعب يوما أراد الحياة -- فلابد أن يستجيب القدر"، ويشاء القدر أن يتحول "محمد البوعزيزي" إلى شهيد الإنتفاضة التونسية رغم أن أحدا لم يتوقع أن يأتي التغيير على يد الشاب الأكاديمي العاطل عن العمل، الذي تحول إلى بائع متجول احتجاجا على منعه من بيع الخضر والغلال، وصفعه من قبل أحد موظفي البلدية، ورفض المسؤولين المحليين مقابلته لما تقدم بشكاية. لم يخطر له ببال ومن حيث لا يدري أنه سيغير مجرى التاريخ التونسي في أي لحظة ومن مدينته المهمشة سيدي بوزيد ويتسبب في اندلاع موجة احتجاجات في كل أرجاء تونس يوم 18 دجنبر الماضي عندما أحرق نفسه بعد الإهانة والمرارة التي قوبل بها، وكان الرئيس التونسي المطاح به قد زار "محمد البوعزيزي" واستقبل أسرته، فيما اعتبره المراقبون محاولة من السلطات التونسية لاحتواء الأزمة. لكن ذلك لم ينجح في نزع فتيل الأحداث، لقد وقع شهيد انتفاضة تونس بالأحرف الأولى على الثورة الشعبية التونسية التي أطاحت بزين العابدين بن علي بعد 23 سنة من الحكم والتي امتدت من نونبر1987 بعد الحجر السياسي على المرحوم "بورقيبة" الذي قضى هو الآخر 32 على كرسي الرئاسة، وتشاء الصدف ،والتاريخ لا يرحم أن يكون هناك حجر آخر يتعرض له بن علي هو أخطر وأشد وطئا إنه الحجر الشعبي الذي تولد نتيجة المقاربة الأمنية والإفراط في استعمال العنف ضد المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم. ومع سقوط قتلى تأججت الاحتجاجات وأتت نيرانها على الأخضر واليابس ورغم إقالة مسؤولين وإعفاء آخرين وإطلالة الرئيس ومخاطبته الشعب لمرات عديدة لم يستطع امتصاص غضب وغليان الشعب رغم القرارات المتتالية في التشغيل والتنمية الإجتماعية وتخفيض أسعار السكر والحليب والخبز وكان خطاب يوم 13يناير 2011 خطبة الوداع بالنسبة ل "بن علي" الذي اتخذ فيه قرارات غير اعتيادية...الاستجابته لمطالب الشعب...تشكيل لجنة للتحقيق في الفساد... لا رئاسة مدي الحياة، وإطلاق حرية الإعلام ويلغي الرقابة على الإنترنت. وقال إنه أعطى تعليماته لوزير الداخلية بعدم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين بعد ذلك غادر تونس سريا في اتجاه مالطا بأربع مروحيات ثم السعودية بعدما ضاعت به السبل. هذه النهاية التراجيدية كان بالإمكان تفاديها لو تم إعمال منطق الحكمة والتبصر ونهج سياسة اجتماعية للقرب ومحاربة إقتصاد الريع لقد أصبح الآن التغيير صناعة تونسية وما حدث فى تونس خلال الأيام الماضية فجر الكثير من الأسئلة حول مصير الأنظمة التى تحكم شعوبها بالحديد والنار. فالرئيس زين العابدين لم يكن الوحيد فى سلسلة طويلة من الحكام العرب وغير العرب الذين ثارت عليهم شعوبهم وأطاحت بحكمهم بعد سنوات طويلة من القهر والفقر، فقد شهد العالم انتفاضات متعددة ،القاسم المشترك فيها هو إحساس الشعب بالظلم والاضطهاد من حكام تملكهم شعور جارف بالعظمة والغرور، لدرجة أن بعضهم تناسي حقيقة الدور الشعبي ومساندته في الوصول إلي السلطة . ------------- * تازاسيتي [COLOR=red]علاقة بالموضوع:[/COLOR] [URL=http://tazacity.info/news/news-action-show-id-2791.htm ]- الرياض تعلن رسميا استقبالها بن علي وعائلته [/URL] [URL=http://tazacity.info/news/news-action-show-id-2788.htm ]- تونس...نهاية حقبة بن علي [/URL] [URL=http://tazacity.info/news/news-action-show-id-2789.htm ]- هآرتس : بعد تونس...من القادم؟ [/URL] [URL=http://tazacity.info/news/news-action-show-id-2737.htm ]- وفاة "محمد البوعزيزي" المُوقد لفتيل الاحتجاجات بتونس [/URL]