[COLOR=red]عادل فهمي *[/COLOR] : وفقا لأطروحة [COLOR=darkblue]"بول باسكون"[/COLOR] يعتبر الاحتجاج الاجتماعي واقعا متجذرا في المجتمع المغربي لأسباب كثيرة و مركبة ناتجة بالأساس عن نفس التعقيد و التركيب الذي يبصم المجتمع المغربي على الدوام، لكن الملاحظ خلال السنوات القليلة الماضية هو تنامي أشكال و صيغ أخرى غير معتادة في التعبير عن المواقف التي تكون في كثير من الأحيان منطوية على الرفض، و ذلك في صيغ احتجاجية مختلفة النوع، الدرجة و المستوى المتعارف عليه في الاحتجاجات الموجهة نقابيا و حزبيا. إذ صار الاحتجاج المغربي في الوقت الراهن منتجا لصيغ و أساليب جديدة بعيدة كل البعد عن ثقافة العنف التي أطرت المجتمع لمدة طويلة امتدت من أوساط الستينيات إلى حدود التسعينيات من القرن الماضي، حيث كان الاحتقان الشعبوي سيد الموقف في الساحة الاجتماعية بالمغرب، و الحصيلة يعرفها الصغير قبل الكبير: سنوات رصاصية، وانتفاضات جماهيرية، من دموية الإضراب العام ليوم 20 يونيو 1981، إلى حرائق الإضراب العام ليوم 14 ديسمبر 1990، وبينهما "ضيافات" دامية مميتة في معتقلات سرية، من درب مولاي الشريف، إلى الكوربيس و تازمامرت، و الحقيقة المرة هي كون الصراعات حُسمت لصالح الدولة بصفتها المحتكرة الشرعية "للعنف" على الدوام حسب [COLOR=darkblue]"ماركس فيبر"[/COLOR]، و خير دليل عدد الشهداء سواء المكشوف عنهم " شهداء إنتفاضة يناير 1984 بالناظور، شهداء ثانوية امزورن بالحسيمة 1987، شهداء الدارالبيضاء أو "الكوميرا" كما وصفهم المرحوم إدريس البصري في البرلمان في مظاهرات 20 يونيو 1981، و أخرون..." أول الذين مازال عائلاتهم تطالب برفاتهم. لكن بطي الصفحة الماضي "و هذا قدرنا"، نلاحظ أن مفهوم الاحتجاح، مع ما يرافقه هذا المفهوم من تمثلات و ممارسات كالرشق بالحجارة، إضرام النار، تخريب الممتلكات، النهب و السرقة...قد تغير جذريا مع الجيل الرابع بعد الاستقلال، الذي اختصر الطريق و اهتدى إلى صيغ أخرى تتميز بنوع من "الابداع" في قالب احتجاجي عفوي سواء مجرد من التأطير "مجتمع مدني" أو بتأطير مسبق "النقابات"، ما دام الاصطدام سيحسم للدولة، حيث أصبحنا نرى في السنوات الأخيرة: [COLOR=darkblue]كحمل الأواني المطبخية[/COLOR] "خروج ك.د.ش في مسيرة شعبية للاحتجاج عن تدني القدرة الشرائية وغلاء المعيشة بتازة سنة 2009"، [COLOR=darkblue]حمل قنينات ماء فارغة[/COLOR] "ساكنة دوار أسدور بتازة بعد انقطاع الماء الصالح للشرب عنهم لأزيد من شهر خلال 2010" [COLOR=darkblue]إضاءة الشموع[/COLOR] "تضامن فرع الجمعية المغربية للحقوق الإنسان بتازة مع شهداء باخرة الحرية 2010"، [COLOR=darkblue]مقاطعة منتوج [/COLOR]"إضفاء الهواتف النقالة لمدة 24 ساعة احتجاجا على غلاء تعريفة المكالمات بالمغرب ماي 2010"، [COLOR=darkblue]وضع الكمامات على الأفواه[/COLOR] "نادية ياسين و مشاكل جماعة العدل و الإحسان مع الدولة و كذا مصادرة حرية التعبير و الرأي بالصحافة المستقلة بالمغرب 2010"، [COLOR=darkblue]حمل الاعلام و صور العائلة الملكية[/COLOR] "أغلب الاحتجاجات لساكنة الدواوير أمام عمالة تازة اتقاء هراواة القوات المساعدة"... صيغ و أخرى يجمعها قاسمها مشترك، هو التعبير عن الرفض و الامتعاض من مواقف و ممارسات و سياسات منتهجة من قبل الدولة أو شركات متعددة الجنسيات أو غيرها ممن يوجه إليه برسالة الاحتجاج. لكن رغم الصيغ التي ذكرت سلفا على سبيل المثال لا الحصر، تبقى صيغة رفع الافتات لاستنجاد بصاحب الجلالة سواء أمام السلطات و الرأي العام أو بكتابتها على أسوار المؤسسات الإدارية و مرفقاتها خلسة، السمة المميزة لصيغ الاحتجاجات التي ما فتئت تتزايد بحدة بعد أحداث الحسيمة و الإعفاءات التي طالت مجموعة من الشخصيات المدنية و العسكرية بإقليم. حيث رفعت عائلات المتابعين بالحسيمة عبارات [COLOR=darkblue]"رحمتك برجال الأمن يا أمير المؤمنين" "نظرة عطف للأسر المعرضة للضياع يا مولاي"[/COLOR] ، كما رفعت ساكنة حي صفيحي بالدارالبيضاء عبارة أرعبت كل مسؤوليها [COLOR=darkblue]"أنقذنا يا جلالة الملك من بطش المسؤولين"[/COLOR] و ذلك تزامنا مع زيارة جلالته للعاصمة الاقتصادية أواخر غشت 2010 ، و ليس ببعيد عن هذه الصيغة كتب مؤخرا على المستوى الطرقي الرابط بين فاس و تازة عبارة: [COLOR=darkblue]"صاحب الجلالة حكام إقليمتازة... إرهاب[/COLOR]" و خلفها مباشرة صورة مسدس و ذلك في أكثر من لوحة خاصة بشركة الطرق السيارة بالمغرب، و الغريب في الأمر أنها اللوحات تابعة تربيا لعدة أقاليم "تاونات، صفرو، تازة" لكن بنفس المعطى. ليبقى القاسم المشترك بين هذه الصيغة الاخيرة من الاحتجاج، و لو باختلاف الحاصل بين رفع الافتة امام الرأي العام و كتابتها خلسة، هو التعبير و إيصال بعض المطالب المجتمعية و الإنذرات التحذيرية من بعض المسؤولين الذين يعيشون في الأرض فاسدا أو لاستنكار وضع لا حلَ له إلا بتدخل ملكي مادام المواطن العادي فقد الثقة في المسؤول سواء على مستوى جماعته، إقليمه، جهته بل قد يصل لحكومته و ممثليه في البرلمان.... ------- [COLOR=red]* مقتطف من ورقة طور الاعداد حول صيغ الاحتجاج بتازة خلال 8 سنوات من الملاحظة و التأمل.[/COLOR] [IMG]http://tazacity.info/news/infimages/myuppic/4c9dda9010683.jpg[/IMG]