إن ما يقع بالجامعة المغربية اليوم يستدعي وقفة جريئة لتقييم مكامن الخلل في الذات الطلابية و لتقويم الاعوجاج العام في مسار الحركة الطلابية عبر ممارسة نقد موضوعي و بناء بما يعيد للجامعة المغربية دورها الطبيعي و المحوري في التربية و التكوين و المساهمة في بناء مغرب الغد ، و للحركة الطلابية هيبتها و حضورها الوازن في البناء العام للمستقبل بجميع أبعاده لبناء مجتمع متقدم حر و ديمقراطي . إن المشاهد المروعة التي أصبحنا نلاحظها تعبر بالملموس عن الأزمة البنيوية التي تعيشها الجامعة المغربية و بالتالي حصول تقاطع ما بين الجامعة و محيطها العام و ابتعاد كلي عن تأسيس علاقة تنبثق من فهم علمي لدور الحركة الطلابية في الصراع العام و فهم التقاطع و الترابط بين السياسي و المطلبي النقابي ، على اعتبار أن أولوية الصراع داخل الجامعة المغربية يجب أن يؤسس على مجابهة كل المخططات الحكومية التصفوية التي تستهدف الطلاب و خاصة الفقراء منهم أو من خلال مشاركة فعلية في تسيير شؤون الجامعة و تحسين شروط التلقي العلمي و التقني ، دون أن ننسى دور الجامعة في خلق نمط من الوعي الوطني و النضال إلى جانب الإطارات السياسية من أجل فرض مطلب التشغيل باعتباره حقا طبيعيا من حقوق الإنسان و المواطنة ، إضافة إلى المساهمة مع كل مكونات المجتمع من أجل تحقيق ديمقراطية و إقلاع و تنموي حقيقي و فعلي ، بدل أن تغوص الحركة الطلابية في شلالات الدم التي لا تخدم أحدا داخل أسوار الجامعة المغربية . هكذا يمكن أن يؤسس نمط من الفكر و الممارسة العقلانيين النابعين من فهم علمي لجدلية التطور من خلال الصراع الديمقراطي و لشكل العلاقة القائمة بين ما هو سياسي و ما هو نقابي مطلبي حتى لا يصار إلى جر الحركة الطلابية و الجامعة المغربية إلى أثون الفتنة و بالتالي يتم القضاء على ذلك الإرث التاريخي للحركة الطلابية ، كل ذلك بهدف فهم الصراع و جعله في مكانه الطبيعي في مواجهة المخططات السياسية الحكومية التي تستهدف الطلبة و الجامعة المغربية و الهادفة إلى تفريغ هاته الأخيرة من محتواها العلمي و الوطني ، بدل أن نرى هاته الصور التي يتأسف المتتبع كما الملاحظ على مشاهدتها ، و الغريبة كل الغرابة عن الجامعة ، في حين أن المطلوب هو الانغراس الفعلي و الحقيقي في التصدي لواقع التربية و التكوين و جعل الجامعة المغربية مركزا وطنيا لتخريج الأطر العلمية و الفكرية و الاقتصادية و السياسية .... ، و هو الدور الذي لعبته على امتداد مسار تاريخها الطويل و الحافل بالمحطات الوطنية الكبرى و تغليب منطق الوحدة الطلابية من خلال ثلاثية وحدة نقد وحدة و الذي صارت على منواله الحركة الطلابية منذ تأسيسها كحركة طلابية جماهيرية ديمقراطية وطنية و نالت بسلوكها هذا التقدير و الاحترام وطنيا و دوليا . بقلم : محمد حميمداني