«جحيم العودة إلى ديار المهجر»، حديث المئات من المهاجرين العالقين بكورنيش طنجة على متن سيارتهم رفقة أسرهم في انتظار ولوجهم إلى الميناء. هؤلاء المهاجرون عبروا عن استيائهم الشديد وامتعاضهم من وتيرة عملية الإبحار نحو ميناءي «طريفة» و «الجزيرة الخضراء» بالجنوب الإسباني، بسبب عدم اتخاذ السلطات المينائية بميناء «طنجةالمدينة» الإجراءات الكفيلة لضمان عملية عودتهم إلى ديار المهجر في أحسن الظروف، بعيدا عن المعاناة التي ذاقوها بميناءي «الجنوب الإسباني»، أثناء عملية العبور التي تزامنت مع عطلة العيد والعطلة السنوية. «نحن لسنا بقرة حلوبا». و»ما هو دور الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج التي من المفروض أن تكون بجانب المهاجر المغربي لحل همومه ومشاكله؟»، هذا ما جاء على لسان عبدالله الحريضي، مهاجر مغربي من القنيطرة مقيم بفرنسا منذ أربعين سنة، وهو من بين المئات من المهاجرين المغاربة الذين انتظروا دورهم في طوابير طويلة لسيارات المهاجرين التي تمتد على طول «كورنيش طنجة»، في انتظار موعد إبحارها. تصريح آخر استقته «الصباح»، من رشيد شاكر من سلا مقيم»بإيطاليا»، إذ أكد أن الوضع في ميناء «الجزيرة الخضراء»، الذي يعتبر واحدا من أكبر الموانئ الإسبانية والأوربية ويتمتع بقدرة تنظيمية كبيرة وتدخله عشرات الآلاف من سيارات المهاجرين مباشرة عبر طريق سيار خاص، مختلف تماما عن الوضع في ميناء طنجة، مضيفا أن الكثير من الحركة التي هي أقرب إلى العشوائية وارتباك في عمليات التفتيش من قبل الجمارك وخروج السيارات وكثرة العمال الذين لا تعرف اختصاصاتهم، تسبب ازدحاما إضافيا وارتباكا آخر في عملية الولوج إلى البواخر. أجمع بعض أفراد الجالية الذين انتظروا طويلا، أنهم ذاقوا مرارة العيش يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء، بعدما ظلوا عالقين لمدة يومين بسبب الإهمال والتماطل الذي وجهوا به من قبل الجهات المسؤولة عن تنظيم عملية العبور، لعدم اعتمادها إجراءات تنظيمية تسهل عبورهم مضيق جبل طارق على متن السفن والمراكب المخصصة في ظروف مناسبة تعفيهم من طوابير الانتظار، حتى يتسنى لهم الالتحاق بأرض المهجر بعد انتهاء العطلة السنوية المحددة في نهاية شهر غشت الماضي. من جانبها، أكدت مصادر من ميناء طنجةالمدينة، أن السلطات المعنية بالميناء فوجئت بالكم الهائل لطوابير سيارات المهاجرين الذين قصدوا في وقت واحد بوابة الميناء من أجل الإبحار، مؤكدة أنه جرت العادة أن يعرف ميناء «طنجة المتوسطي» هذه الحركة أثناء موسم العودة. وأكدت المصادر ذاتها أن مستخدمي شبابيك بيع تذاكر البواخر المنتشرة على طول الطريق المؤدية إلى الميناء المتوسطي وعند مدخل المدينة «باكزناية» وباحة الاستراحة بطريق الرباط ، هم من قاموا بإرشاد المهاجرين بالتوجه صوب ميناء «طنجةالمدينة» بدعوى أنه لن يعرف اكتظاظا في طوابير السيارات. وفي سياق متصل، لم تسلم عملية عودة أفراد الجالية إلى بلاد المهجر، من بعض الحوادث التي تزيد في عرقلة السير والجولان، إذ قام أحد المهاجرين الذي كان على متن سيارته مرقمة ببلجيكا، عشية الجمعة الماضي ، بدهس شرطي المرور بعدما حاول تجاوز طابور الانتظار ، فأصيب برضوض في رجليه قبل أن يصطدم بسيارة من الخلف محاولا الفرار. وأكدت مصادر من المكان عينه أن المهاجر المغربي الذي حاول اقتحام طابور الانتظار، صب جم غضبه في وجه شرطي المرور واتهمه بسوء التنظيم والتسيير، ولما خطبه الشرطي بضبط النفس والعودة إلى مكانه، أجابه المهاجر بأنه سيقوم بتربيته وتأديبه، مما جعل الشرطي يطلب أوراق السيارة وهو الأمر الذي أفاض الكأس. ونقل ل الشرطي المصاب إلى مستعجلات مستشفى محمد الخامس لتلقي العلاجات الأولية، فيما نقل المهاجرإلى مصلحة المداومة بولاية أمن طنجة، إذ فتح تحقيق في النازلة من قبل عناصر الشرطة القضائية . يشار إلى أن عدد المهاجرين المغاربة الذين غادروا التراب الوطني عبر «ميناءي طنجة»، في طريق العودة إلى ديار المهجر، بلغ أزيد من 40 ألف، حسب الإحصائيات المعلن عنها من قبل ولاية أمن طنجة يوم الأربعاء 28 غشت الماضي. وجاء في الأرقام الأمنية، أنه تم تسجيل عبور 10 آلاف و395 عربة، تمت مراقبتها من قبل المصالح الأمنية في اليوم نفسه. وسجل أكبر تدفق للمغادرين في ميناء «طنجة المتوسط « بعبور 31 ألفا و690 مسافرا ، من بينهم 28 ألفا و988 من أفراد الجالية المغربية في الخارج، فيما تمت مراقبة سبعة آلاف و 575 سيارة ، كما سجل ميناء «طنجةالمدينة « عبور 12 ألفا و 870 مسافرا من بينهم 11 ألفا و319 من أفراد الجالية المغربية مع مراقبة ألفين و 820 سيارة حسب المعطيات المعلن عنها من قبل السلطات الأمنية.