يعرف ميناء طنجةالمدينة منذ ثلاثة أيام تدفقا غير مسبوق لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج العائدين إلى بلاد المهجر، بشكل فاجأ السلطات المكلفة بتدبير عملية العبور لهاته السنة، فقد امتدت طوابير الانتظار على أكثر من 5 كيلومترات، وفاقت مدة الانتظار 12 ساعة، ومنهم من اضطر لقضاء ليلة كاملة في انتظار الإبحار في ظروف جد صعبة بسب غياب بنيات الاستقبال. التوافد الكبير للمغادرين صعَب من مهام رجال الأمن الذين تكفلوا بتنظيم طوابير الانتظار على طول كورنيش المدينة مع الحرص على إلزام المسافرين بالانتظام داخل الطابور بشكل يضمن عدم التسابق على ولوج الميناء، وهي المهمة التي لم تكن بالسهلة بسبب تعدد الشوارع المؤدية للميناء، ونظرا لحالة الإرهاق والضغط النفسي لأفراد الجالية بسبب طول مدة الانتظار في ظروف جد سيئة. عجز الحكومة عن اتخاذ إجراءات احترازية لمواجهة مثل هاته الوضعية، تسبب في وقوع بعض الاحتجاجات، فلا يعقل أن يبقى المسافرون في طابور الانتظار لساعات طوال تحت الشمس الحارقة من دون توفير الماء الصالح للشرب والمراحيض المتنقلة، وهو ما خلق معاناة مضاعفة خاصة بالنسبة للأطفال وكبار السن والمرضى، ولولا وجود المقاهي والمطاعم على امتداد الكورنيش، حيث أبان مالكوها عن أريحية كبيرة في تعاملهم مع المسافرين لحدثت الكارثة، وهو ما عاينته الجريدة أثناء قيامها بزيارة لطوابير المسافرين الممتدة على طول كورنيش المدينة. وعن أسباب هذا الاختناق الكبير وغير المتوقع، صرحت مصادر خبيرة بملف العبور أن الأمر مرتبط بعاملين أساسيين، الأول يرجع إلى تفضيل عدد كبير من أفراد الجالية ا المغادرة عبر ميناء طنجةالمدينة بسبب للمشاكل الكبرى وسوء المعاملة التي لاقوها خلال السنة الماضية بميناء طنجة المتوسطي رغم أن ميناء طنجةالمدينة يوفر فقط أربع بواخر سريعة تربط طنجة بميناء طريفة، أما العامل الثاني وهو الحاسم ويرتبط بمسؤولية الحكومة التي أساءت تقدير الأوضاع، إذ لم تبادر إلى تعويض الفراغ المهول الذي خلفه إفلاس شركتي كوماريت وكوماناف الفاعل المغربي الرئيسي في النقل البحري، فالحكومة لم تبادر إلى منح ترخيص مؤقتة واستثنائية لشركات الملاحة من أجل توفير شروط إنجاح عملية العبور. هذا ولم تستبعد ذات المصادر أن يشهد ميناء طنجة المتوسطي نفس الوتيرة من التدفق مما سيزيد من مدة الانتظار بما تشكله من ضغوط نفسية وبدنية على أفراد الجالية المغربية ظل محدودية البواخر المرخص لها بالنقل البحري هاته السنة. وعلاقة بذات الموضوع أكد محمد العلمي رئيس الفريق الاشتراكي ببمجلس المستشارين في اتصال مع الجريدة أن الفريق قرر، فور أخذه علما بالموضوع، توجيه استدعاء لعبد العزيز الرباح وزير النقل والتجهيز للحضور إلى اجتماع عاجل للجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية، قصد مساءلته حول مسؤولية الحكومة في الصعوبات والمشاكل التي عرفتها عملية العبور لهاته السنة، خاصة وأن الحكومة لم تبادر إلى تحيين قوانين النقل البحري وتجديد الأسطول الملاحي الوطني، علما بأن الجالية المغربية تعتبر عنصرا حاسما في الحفاظ على التوازنات المالية للاقتصاد الوطني بالنظر لتحويلاتها من العملة الصعبة، وهو ما كان يستوجب من الحكومة أن توليها كامل الاهتمام. يذكر أن ولاية أمن طنجة عممت بلاغا أول أمس أعلنت فيه أنه يوم الأربعاء المنصرم سجل مغادرة أزيد 40 ألف من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج لمينائي طنجة، فقد عبر ميناء طنجة المتوسط 28 ألف 988 مسافر فيما تمت مراقبة 10 آلاف و395 سيارة، في حين شهد ميناء طنجةالمدينة في ليوم ذاته مغادرة 11 ألفا و 319 مسافرا فيما تمت مراقبة 2830 سيارة.