يضع مشروع إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة مدينة البوغاز على الطريق الصحيح لتصبح واحدة من أهم الحواضر الكبرى بحوض البحر الأبيض المتوسط وقبلة عالمية لسياحة الترفيه والرحلات البحرية. فبالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي بمدخل مضيق جبل طارق, تتكئ مدينة طنجة على تاريخ أسطوري عز نظيره, وعلى إرث حضاري غني ومتنوع يعكس بجلاء مآثر الأمم التي حكمت البحر الأبيض المتوسط شمالا وجنوبا, ما يجعل المدينة تتوفر على مؤهلات عدة, يسعى مشروع إعادة توظيف المنطقة المينائية إلى إعادة صياغتها وفق مقاربة متكاملة وشاملة تراعي الأبعاد الحضارية والبيئية والاقتصادية. وإذا كانت المشاريع الكبرى , التي أنجزت خلال العقد الأخير بمدينة طنجة وفي ممتها المركب المينائي طنجة المتوسط وملحقاته, قد أعادت المنطقة إلى حضنها المتوسطي عبر تكثيف وتقوية المبادلات التجارية, فإن مشروع إعادة التوظيف جاء ليعزز هذا التوجه من خلال العناية الكبيرة التي أولاها لخدمات قطاع السياحة والترفيه ما سيعزز المبادلات الإنسانية في هذا الفضاء. ** طنجة .. من محطة عبور إلى نقطة انطلاق ** يشهد قطاع سياحة الرحلات البحرية والترفيه, على المستوى العالمي, انتعاشا مهما منذ بداية العقد الأخير بمعدل نمو سنوي يقارب 9 في المائة, مع عبور 16 في المائة من السفن العاملة في المجال من مضيق جبل طارق. ومع متم الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية, استقبل ميناء طنجة أزيد من 90 ألف سائح عبر الرحلات البحرية, أي أزيد بحوالي 70 في المائة عن الفترة ذاتها من السنة الماضية, وبفارق كبير عن السنوات الماضية التي كان يستقبل فيها الميناء أقل من 70 ألف سائح بمعدل نمو يقل عن 4 في المائة سنويا. لكن التطلعات بعد انتهاء أشغال إعادة التوظيف سنة 2016 ترفع سقف التحدي عاليا في مستوى طموح هذا المشروع المهيكل, إذ يتوقع أن يجذب الميناء بعد انتهاء الأشغال به سنة 2016 حوالي 300 ألف سائح, على أمل بلوغ 750 ألف سائح سنة 2020. إنه "طموح في المتناول , بل قد نتجاوزه بالنظر إلى الجهود المبذولة حاليا وتطور القطاع", يقول المندوب الجهوي للسياحة السيد مصطفى أغونجاب, مذكرا بأن مدينة طنجة شهدت خلال السنوات الأخيرة انتعاشا مهما لهذا القطاع بعد تحويل الأنشطة التجارية إلى ميناء طنجة المتوسط وبداية أشغال تأهيل المدينة العتيقة. ولهذا الغرض, سيتم تطوير البنيات التحتية لميناء طنجة لاستقبال مختلف أنواع السفن السياحية حتى تلك التي تنتمي إلى الجيل الجديد والتي يفوق طولها 360 مترا, بالإضافة إلى تهيئة أكثر من 1600 مكانا لرسو اليخوت والمراكب الصغيرة الحجم في أفق 2016 عبر تأهيل ميناء الصيد البحري وتشييد حوض جديد لليخوت, مع إمكانية تطوير مواقع رسو ترفيهية أخرى بخليج طنجة لترتفع طاقة الاستقبال إلى أزيد من 3 آلاف مركب. وحسب ورقة تقديمية للمشروع فإن هذا الطموح لا يقف عند تحويل الأنشطة التجارية للميناء إلى السياحة والترفيهفقط , بل إنه يتغيا جعل ميناء طنجة "الميناء الأكبر للرحلات البحرية والترفيه في المنطقة" , وهو ما سيمكن مدينة البوغاز من أن تصبح نقطة انطلاق لهذا النوع من الرحلات عوض أن تشكل محطة عبور فقط