تكثر الشعارات المطالبة لمحاربة الفساد المالي والتدبيري بالمغرب، وينخرط الجميع في ترديد هذه الشعارات دون أي تحديد لمضمونها ولكيفية تحديد هذا الفساد وطريقة محاربته، بل إن أغلب المنادين بمحاربة الفساد ينطلقون من مبدأ أن الفساد مستشري بمفاصل الإدارة العمومية وبالمؤسسات المالية ويجب محاربته، دون أن يسبق ذلك تحديد أولي لحجم هذا الفساد المالي ولا لطبيعته. فتدبير المالية العمومية يقع في صلب الحديث عن الفساد المالي، ولا يمكن في هذا السياق ذكر الفساد المالي دون الحديث عن الهيآت المختصة بتدبير السياسات العمومية وبتنفيذها على مستويات مختلفة، كما لا يستقيم رفع أي شعار يهم محاربة الفساد دون تحديد لطبيعة المفسدين المفترضين والآليات التي يستعملونها لاستغلال المناصب أو النفوذ أو لاختلاس الأموال العمومية أو لتبذيرها وإنفاقها خارج ما تقتضيه المصلحة العامة. فما هو حجم الفساد المالي بالمغرب؟ وما هي طبيعة التدبير الفاسد على مستوى السياسات والقطاعات العمومية؟