منذ مدة طويلة وأنا أراود هذا الموضوع عن نفسه وهو يستعصم. الكتابة عن رمز من رموز طنجة ليس سهلا، ويشبه المخاض. إذا كنت مثلي تعشق طنجة فبالتأكيد ستعشق ابنها البار محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي... – وهو ابن بطوطة بالمناسبة - الذي جعل اسمها يتردد في أنحاء العالم منذ القرن الرابع عشر الميلادي، في وقت لم تكن أسماء المدن والبلدن تشتهر إلا بالأحداث الكبرى، وقلما كان الأشخاص يصنعون المدن مثلما فعل العزيز ابن بطوطة دون حاجة إلى فيسبوك أو يوتوب.. و حتى طنجة نيوز. الحقيقة أن ما جعلني أتردد في الكتابة عن الموضوع هو رغبة جامحة في زيارة قبر الراحل أولا، لأرى أولا إلى أي درجة يتم "الاهتمام" برموز هذه المدينة وأعلامها. وقد تعذرت مسألة الزيارة لحد الآن، لأسباب حياتية حينا، ولأسباب تتعلق بالكسل حينا آخر. لكنني على أية حال سبق أن شاهدت فعلا مقطع فيديو قصير أعدته قناة ميدي 1 سات، ويمكن للمرء أن يلمس من خلاله أن الراحل يرقد بسلام في مكان شبه مجهول ومهمل..في قلب الظل. وياله من أمر مخجل فعلا!! تعجز الكلمات فعلا أن تصور الأمر.. رجل شغل الدنيا والناس – ولازال – يتم إهمال قبره من طرف أهله وناسه، بينما يتم الاحتفاء به بشكل دائم في عدد من دول العالم، على رأسها الصين التي تعتبر ما تم كتابته عن الصين من طرفه مرجعا لا يتجزأ من تاريخها، ويكفي أن تعلموا أنهم ترجمة رحلته إلى اللغة الصينية تقع في 954 صفحة من الحجم الكبير! هناك مدينة صغيرة تقع في ضواحي بروكسيل جنوبا، اسمها واترلو. هذه المدينة شهدت الهزيمة الأخيرة لجيش نابليون بونابرت بعد أن حاصرته القوات البريطانية والألمانية والهولندية. ما علاقة هذا بموضوعنا؟ الجواب هو أنني هذه المدينة زرعند زيارة المدينة وجدت أن جزءا منها تحول إلى معلمة سياحية تجلب مئات السياح يوميا، ربما الآلاف.. حيث يوجد هرم كبير مكون من أكثر من 200 درجة، على قمته أسد حجري.. بعد أن ترتقي هذه القمة يمكنك أن تشاهد مدينة بروكسيل والضواحي بجهاز تلسكوب. قرب هذا الهرم مبنى كامل مجهز بشكل حديث يضم كل ماله علاقة بتلك المعركة التاريخية: تماثيل، لوحات، قاعات عرض سينمائية، أسلحة، ماكيطات...إلخ.. إلخ. المهم أنك تخرج من المنطقة وقد عشت المعركة فعلا من أولها إلى آخرها كأنك كنت مع نابليون للتو. طبعا، كل هذا بمقابل. والمقابل يعود على المنطقة بأرباح هائلة. مع أنك لو فكرت مليا لرأيت أن أرض معركة انهزم فيها نابليون ليس شيئا ذا بال.. وكان من الممكن – ولا لوم – أن يتم إهماله أو نسيانه. لكنها القدرة على خلق شيء من لاشيء.. ومن أبسط الأحداث، مزارا سياحيا. السؤال الآن: ماذا لو تم عمل نفس الشيء مع قبر ابن بطوطة؟ صدقوني لو قلت لكم أن مدينة طنجة ستصبح أول قبلة سياحية ثقافية في المغرب ولا شك. في شهر ماي من سنة 2009، تم تنظيم ندوة بعنوان" الرحالة العرب والمسلمين.. اكتشاف الذات والآخر". في ختام الندوة أعلن الكاتب العام لوزارة الثقافة المغربية عن مفاجأة مدوية وهي تأسيس متحف وطني للرحالة ابن بطوطة بطنجة يضم عشرات المخطوطات والكتب وكل ما له علاقة بالرحالة ابن بطوطة، إضافة إلى تمثال سيقوم بنحته الفنان السوري عاصم الباشا سيوضع في باحة المتحف.. وأشياء أخرى. أين وصل هذا المشروع؟ لقد طواه النسيان بشكل تام طبعا خصوصا بعد التغيير الوزاري. لكنها فرصة على أية حال لنذكر وزير الثقافة الحالي بنسالم حميش ونطالبه بإعادة إحياء هذا المشروع الوطني.. وكم سيذكر له أهل طنجة ذلك! هذا عن المسؤولين.. ماذا عنا نحن كمواطنين؟ نحن أيضا للأسف لانختلف كثيرا، ولا نعبأ لا بابن بطوطة ولا قبره ولا أي شيء له علاقة به.. وأهم ما نعرفه عن ابن بطوطة هو : حي بن بطوطة، ومدرسة بن بطوطة.. فقط لا غير!!! كان كلامي سيكون عبثا لولا وجود الشيخ العارف جوجل، والذي أعطاني، ويا للخجل، الإحصائيات التالية: معدل البحث عن كلمة ibn battuta على الصعيد العالمي هو: 110.000 معدل البحث عن كلمة ibn battuta على الصعيد الوطني: 12.100 أما البحث عن كلمة ابن بطوطة باللغة العربية فهو :.......... خاليها هايداك وصافي... عبد الواحد استيتو [email protected] http://stitooo.blogspot.com