يشكل شهر رمضان المبارك فرصة ثمينة للمسلم للتقرب إلى الخالق عز وجل، حيث تلين فيه القلوب وتتصالح الأنفس ويتذكر المسلم أقاربه وأهله الذين لم يزرهم أو يتصل بهم منذ مدة، فيغتنم مناسبة حلول هذا الشهر الفضيل لصلة رحمه والسؤال عن ذويه وتفقد أحوالهم. فصلة الرحم تشكل خلقا من الأخلاق الإسلامية الرفيعة، التي أمر الإسلام بالحفاظ عليها ونهى عن قطعها، لما لها من دور حيوي في تماسك المجتمع عامة والأسرة خاصة. ويعد رمضان الشهر الأمثل لإحياء صلة الرحم، باعتباره مناسبة سنوية يجتمع فيها الأهل والأقارب على مائدة الإفطار، وفي المساجد لصلاة التراويح وقيام الليل، وتكثر فيها الزيارات وسط أجواء روحانية. وفي هذا الصدد، يقول رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيراتتمارة، السيد لحسن بن ابراهيم سكنفل، إن صلة الرحم هي في الأصل واجبة في كل وقت، من خلال الاتصال بالأقارب والتواصل معهم، وعدم قطيعة الصلة معهم تحت أي عذر من الأعذار لما لها من عواقب وخيمة على المجتمع والعلاقات بين الأفراد. وأضاف أن أهمية صلة الرحم، التي تعتبر خلقا رفيعا في الإسلام وتقوي اللحمة الاجتماعية "تزداد في شهر رمضان لأنها تدخل في إطار الأعمال التي يتقرب بها العبد من خالقه، ولا يستساغ لا شرعا ولا خلقا أن يكون الإنسان متصلا بالله في هذا الشهر المبارك بالقيام بعبادته ويقطع رحمه في نفس الوقت". فرمضان، يتابع السيد السكنفل، يشكل فرصة يبتعد فيها الإنسان عن كل خلق رديء ويقبل على كل خلق رفيع، "ففي هذا الشهر المبارك نتخلى عن أمور مباحة، كالأكل والشرب، طاعة لله، فنقمع أنفسنا ونمتثل لأمر الخالق، فنفس الأمر يجب أن نفعله مع السلوكات الأخرى التي يجب أن نمتنع عنها كقطيعة الرحم". وأشار إلى أن هذا الشهر المبارك "يشكل فرصة عظيمة للتصالح بين الأنفس وإعادة الأمور إلى نصابها والعفو عن الآخر ولو كان هو الظالم، فلا تجوز القطيعة بين المسلمين، ولا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام"، داعيا إلى اغتنام هذا الشهر المبارك من أجل الرجوع إلى العلاقات الاجتماعية القوية التي كانت تشكل أساس الأمة المغربية والإسلامية. وبالنسبة للصور التي يمكن أن تتخذها صلة الرحم في رمضان، قال رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيراتتمارة، إن من أجملها هي دعوة الأهل والأقارب والأصدقاء إلى مائدة الفطور الجماعية، على اعتبار أن هذا الأمر يجمع ما بين صلة الرحم وإطعام الطعام. فاستدعاء العائلة لمشاركة مائدة الفطور يعتبر من " الأخلاق الإسلامية السامية ويساهم في خلق السلم الداخلي للإنسان، ويمكن من تحقيق المقصد الكبير من الاتصال بالله، خصوصا إذا كان أفراد من الأقارب يعانون من الفقر ولا يجدون ما يقيمون به موائدهم".