لا يمكن تحقيق التفوق في أي مجال إلا بالتسلح بإرادة حديدية، وإصرار منقطع النظير وقوة غير اعتيادية. فبالنسبة لكل شخص لديه هذه الرغبة في البحث الدائم عن تجارب تأخذه إلى أبعد الحدود، تصبح هذه القوة تفانيا والتزاما، وهذا ما تتميز به بشرى بيبانو، أول امرأة مغربية ومغاربية تصل إلى قمة جبل إيفرست. اختارت هذه المهندسة البالغة من العمر 48 سنة، مدفوعة بحماس لا حدود لها، رياضة ليست كمثيلاتها، حيث اتجهت صوب الرياضات القصوى التي تشكل التحديات مكوناتها الرئيسية. مسلحة بإرادة لا تقهر، عملت بشرى، بكل ما تحمل من قوة جسدية وعزيمة، على تحقيق ذاتها وجعل حلمها حقيقة، وهو رفع العلم المغربي في أعلى قمة في العالم، قمة إيفرست الشهيرة. بعد صعودها لقمة جبل توبقال (4.167 متر) أكثر من عشرين مرة، تمكنت رئيسة جمعية "دلتا إفازيون" التي تهدف إلى تطوير السياحة البيئية في المغرب، بنجاح، من تسلق "كليمنجارو"، أعلى قمة بإفريقيا (5.895 م) في تنزانيا. هذه التجربة مهدت لها الطريق لمواصلة مسارها الجميل لصعود قمة تلو أخرى، والذي دشنته بالفعل من أعلى نقطة في سلسلة جبال الألب، قمة مون بلان (4.810 متر)، مرتين عبر طريقين مختلفين في سنتي 2011 و 2016. ولم يتوقف الحلم هنا، ففي عام 2012، قامت بصعود قمة جبل "إلبروز" في روسيا (5642 متر)، أعلى قمة في أوروبا، قبل أن تتمكن من صعود قمة أكونكاجوا (6965 متر) في أمريكا اللاتينية في يناير 2014 ، ثم جبل ماكينلي ( 6194) في ألاسكا بعد بضعة أشهر من ذلك. وبما أن رغبتها وإرادتها لا حدود لهما، واصلت بشرى بيبانو مسارها بتسلق أعلى قمة في أوقيانوسيا (4884 متر) في نونبر 2015 ، قبل أن تحقق أسمى إنجاز لها في ماي 2017، كأول امرأة مغربية وشمال إفريقية تنجح في بلوغ قمة إيفرست، أعلى جبل في العالم (8848 متر)، وهو إنجاز صعب ومرموق في الوقت ذاته. تقول بشرى في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء "لقد كنت دائما مولوعة بالرحلات سيرا على الأقدام والمشي في الجبال، لكن هذا الشغف أخذ بعدا جديدا في سنة 2011 عندما تسلقت جبل كليمنجارو"، مضيفة أنه منذ ذلك التاريخ تجرأت على الحلم، وصارت أحلامها أكبر. وتابعت بشرى، الأم لطفلة، قائلة "كبر حلمي معي لتسلق أعلى الجبال في كل قارة ورفع علم المغرب عاليا، وهي مهمة ليست سهلة، لكن إرادتي كانت قوية لمواجهة هذا التحدي"، مشيرة إلى أنه على الرغم من بعض الصعوبات، ولا سيما فيما يتعلق بتمويل الرحلات، فإنها "فخورة" لتحقيق حلمها وحلم جميع أفراد أسرتها، الذين قدموا لها كل سبل الدعم. وأضافت بشرى، أنه "بالإضافة إلى إنجازاتي، فإن فرحتي الأكبر تمثلت في توشيحي في عام 2015 من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بوسام الاستحقاق الوطني من درجة ضابط"، مشيرة إلى أن هذا التوشيح كان مصدر تحفيز ودعم مهم لممارسي الرياضات القصوى وتسلق الجبال في المغرب. ولا تكتفي بشرى، التي أهدت كافة إنجازاتها لجميع النساء المغربيات، بهذا الرصيد المبهر، بل حددت بالفعل هدفها المقبل، والمتمثل في تسلق قمة فينسون ماسيف (4892 متر) في القطب الجنوبي المتجمد لاستكمال تحدي القمم السبع في العالم. وهو الأمر الذي لا يدعو للاستغراب، بكل تأكيد، بالنسبة لسيدة من طينة بشرى بيبانو.