تقرير زهور باقي (*): تتقاذفهم التهم ويتأرجحون بين تأويلات تجعلهم موضع "سوء الفهم الكبير". هم "منحلون" أخلاقيا حسب الإسلاميين، و "طوباويون" حسب اليساريين، "متمردون" من منظور النظام، و "متشردون" من منظور العامة. اللاسلطويون، الأناركييون أو ما يترجم بالفوضويين مجموعة من الأفراد تجمعهم فلسفة حياة ونمط عيش يكسر القيود ويسعى للتخلص من الاستعباد بجميع أشكاله. التنظيم في اللا تنظيم ترجمة "الاناركية" إلى الفوضوية جعلت فكرهم يقترن لدى العامة بالفوضى والتخريب والانحلال والعنف ومحاربة النظام والتنظيم . فيما ينفون عنهم التهمة، مفسرين أن فكرهم يهدف بالأساس إلى تحرير الإنسان من الاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. يميل الأناركية إلى "النكرة". أي يرفضون الحديث باسم فكرهم أو نيابة عن الآخرين ويتهربون من الإدلاء بأسمائهم. "الأناركية هي أن تكون أنت الفرد الذي يقرر مصيره وكيفية تعامله وتعايشه مع المحيطين به والمجتمع بكل حرية، أما الفوضى فهي نسبية، فمثلا اللوحات الفنية لبيكاسو، اعتبرها الجميع في البداية فوضى وعبث، ولكن بالنسبة له كانت فنا وإبداعا. مثلا غرفة أي واحد منا قد تبدو لك منظمة لكنها ليست كذلك بالنسبة لأمك". هكذا يعبرحمزة المحفوظي أحد الشباب المغاربة الأناركيين عن رؤيته للأناركية لهنا صوتك. توجه لهم انتقادات على أنهم ضد تنظيم الواقع، وهو ما يصححه محسن (إسم مستعار) قائلا: "نحن نرفع سقف الإنسانية وسقف الحرية. نعتبر أن الجميع قادر على تسيير نفسه بنفسه دون الحاجة إلى تنظيمات أو قائد أو متحدث رسمي، بل نبني فكرنا على التطوعية. والدليل على نجاح ما نقوم به، هي مبادرة نادي الوعي الطلابي التي تقوم بأنشطة ثقافية وفنية منظمة بوتيرة مرتفعة مقارنة مع باقي التنظيمات الأخرى. نشتغل منذ 2007 بشكل جد عادي دون أي عراقيل. وهذا دليل ملموس على نجاعة تنظيمنا في لا تنظيمنا". "في أي درب أو شارع أو تجمع أو حركة دائما حضور الأناركيين يكون بشكل إيجابي وليس فقط في المغرب بل في كل مكان. أصلا أن تكون أناركيا يعني أن تكون ضد الدولة. يعني تبقى أنت هو أنت في أي مكان في العالم"، يختم حمزه كلامه لهنا صوتك. لاءات الاناركية "القضايا التي يدافع عنها الأناركيون هي قضايا إنسانية كونية ضد التمييز على أساس الجنس، وضد العنصرية والفاشية والرأسمالية، وهو ما ينعكس على نمط عيشهم ويترجم طريقة لبسهم المختلفة، والتي تعتمد على كل ما هو تقليدي من صنع اليد بعيدا عن الماركات العالمية"، تقول سناء التي لا تعرف نفسها كأناركية لكنها تعاشرهم وتتعاطف مع فكرهم وتجده الفكر الأقرب إليها. اللاسلطوية عند الأناركيين المغاربة هي فكر فلسفي يقدم البديل لمجتمع إنساني بعيش بلا طبقية ولا سلطة لا يوجد فيه مهيمن أو مستغل، مجتمع يرتكز على أفراد منتجين يتعاونون فيما بينهم ويعتبرون أنه لن تكون حرا ما دمت حبيسا لما تفكر فيه ولم تمر لمرحلة تطبيقه. بعضهم يعيش في مجموعات وينأى بنفسه في أماكن طبيعية خالية بعيدا عن الدولة حيث يعيش على ما يصنعه من صنع يديه قريبا من فكرة الإنسان المشاعي، والبعض الاخر هم مجموعة شباب يمارسون حياتهم بشكل يومي يلتقون أحيانا للتعارف فيما بينهم وخصوصا في المبادرات الثقافية والموسيقية واخرون أناركيون يفكرون بشكل فردي مستقل منغمسين في المجتمع ولا يصرحون بأناركيتهم معتبرين أنها أول قاعدة لتكون أناركيا حقيقيا.