– محسن الهاشمي: شهدت المدن الشمالية خاصة مدينتي طنجةوتطوان منذ مطلع السنة الجارية، العديد من الحوادث الاجرامية غير الاعتيادية بسبب استعمال سلاح جديد لم يكن يحضر في جميع الجرائم بهذه المنطقة والمغرب ككل، وهو السلاح الناري. وكانت البداية في طنجة عندما قام مجهولون بتبادل اطلاق النار في شارع البولفار ثم الاختفاء دون أن تتمكن السلطات الأمنية من معرفة هؤلاء المجهولين، ليمر وقت قصير بعد ذلك وتحدث أشهر عملية سطو على بنك في طنجة والأول من نوعها باستعمال السلاح الناري. قام مجهولون باعتراض سيارة لنقل الأموال عندما توقفت أمام البنك الذي كان مقصد تلك الأموال ثم أطلقوا النار على أحد حراس السيارة وضربوا الآخر ثم نقلوا الأموال من سيارة الأموال إلى سيارتهم وفروا إلى وجهة مجهولة لم تتمكن السلطات الأمنية من معرفة هؤلاء المجهولين مرة أخرى وإلى اليوم. وبعد هذه السرقة حدثت مواجهات بين الشرطة وتجار المخدرات بحثا عن لصوص البنك فتم استعمال الرصاص بين الطرفين في مواجهات عنيفة شهر مارس الماضي، لكن لم يتم القاء القبض على أي شخص له علاقة بسرقة الاموال المذكورة. في مدينة تطوان مؤخرا وبالضبط بالميناء الترفيهي "مرينا سمير" حدثت محاولة اغتيال "هوليودية" عندما حاول مجهولون قتل بارون شهير للمخدرات يدعى "النيني" الذي كان يستعد للخروج في نزهة على متن يخت، فأطلقوا عليه النار ثم فروا إلى وجهة مجهولة، في حين قام أعوان "النيني" بنقله من مكان الحدث واختفى دون أن يُعرف هل فارق الحياة أو أن يعرف أين مكانه. وفي الأسابيع القليلة الماضية أعتقلت السلطات الامنية شخصا بطنجة في ساحة 20 غشت عندما قام بإشهار السلاح في وجه أحدهم وتهديده، وهي الحادثة التي تكررت مرارا في طنجةوتطوان هذه السنة ويكون "أبطالها" مغاربة الخارج غالبا. هذه الحوادث كلها والتي حدثت في ظرف زمني قصير تدفع إلى طرح العديد من الأسئلة والتصورات المخيفة على مستقبل هذه المنطقة التي جعلتها الظروف الخارجة عن ارادتها أن تكون قريبة من أوروبا ومعبرا مهما لتجار المخدرات. غير أن أغلب هذه الاسئلة بشأن هذه القضية معروفة الجواب، فالسلاح يدخل إلى المغرب بسهولة عن طريق التهريب القادم من المدينتين المحتلتين ومع تجار ومهربي المخدرات، وبالتالي فإن الأمر يبقى في يد السلطات المغربية إذا أرادت محاربة هذا التهريب بوسائل جديدة. عمليات السطو واطلاق النار بهدف القتل يعني أن العصابات والأشخاص المسؤولين عن هذه الجرائم أصبحوا يتجاوزون السلطات الأمنية المغربية ويدركون ضعفها في مسايرة احترافيتهم العالية، وما عملية السطو على البنك في طنجة ومحاولة قتل "النيني" في تطوان إلا دليل على أن هؤلاء لم يضربوا أي حساب للأمن المغربي. فلا يبقى أمام كل هذا إلا وقفة تأمل من طرف المسؤولين لتغيير منهجيتهم في التعامل مع الإجرام الدولي الذي أصبح يعمل باحترافية كبيرة، وإلا فإن الجميع سيرى طنجةوتطوان تتحولان إلى شيكاغو الأمريكية ونابولي الايطالية في حالة إذا استمرت بهما وتيرة هذه الجرائم بهذا الشكل المخيف.