بعد حصولي على وسام يتيم من جهة الأب تحول كل من حولي وخصوصا الوالدة إلى مايشبه المصباح السحري فما إن أنبس ببنت شفة وأحيانا قبل أن أنبس بشيء أريده ،أجده شاخصا بين عيني أما إذا ألححت في الطلب بإستعمال الدموع فاطلب ولاحرج. أذكر ذات يوم ألححت على الوالدة قبيل عيد الفطر رغبتي بإقتناء ملابس العيد وأبديت لها رغبتي في إقتناء حذاء رياضي من نوع "النيك" كان للتو ظهر في السوق. في تلك الفترة من العمر كان حصولك على "النيك " يشعرك بنوع من الحظوة والأبهة بين أقارنك ويخيل إليك بأنك لاتمشي على الأرض، وبعد إلحاح أعطتني الوالدة المبلغ، وفي طريقي لإقتناء ملابس العيد إعترض سبيلي إثنان من اللصوص أسندوني إلى حائط وأخرج أحدهم شفرة من غمدها بحجم طولي كان ذالك في لية القدر، طلبوا مني الإستسلام بالكامل مقابل أن ينتشلوني على خاطرهم وافقتهم على خريطة الطريق تحت شرط عدم المساس بي. من شدة خوفهم لم يستطيعوا فتح عقد الحذاء كان الحذاء أيضا رياضيا من نوع "النيك" قلعوه من رجلي كما يقتلع القصاب رجل ذبيحته وهي معلقة في السماء، بعد ظفرهم بالغنيمة تفتحت شهيتهم وطلبوا مني خلع قميصي الرياضي، فجأة ظهرت إمرأة خيلت لهم كرجل ضخم كماخيل لفرعون العصى حية تسعى فطاروا على وجوههم ولولا هذا الرجل الضخم عفوا تلكم العجوز لرجعت إلى البيت عاريا كما ولدتني أمي. مما أذكره أيضا ان الوالدة كانت حريصة علي ومن شدة حرصها كانت لاتظهر حرصها حتى لايفلت لها خيط التربية من عقاله، فكانت تضع مسافة بين المعقول ولا المعقول وأحيانا كانت تخالف فطرتها التي أودعها الله في كل أم بمشقة من أجلي، فكانت تقتفي أثري أحيانا منقبة ومرة في غيري جلبابها المعتاد، وكم من مرة فطنت بها وفطنت بي وهي تتبع خطواتي متخفية في نقابها، ومن باب حرصها، أذكر ذات يوم طلب مني أحد المقربين الذهاب مع أبنائه للتخييم فطلبت منه ان يتوسط لي لذا الوالدة فرفع سماعة الهاتف وطلب منها اللسماح لي بالذهاب رفقة عائلته للتخييم، ومن ذكاء الوالدة وحرصها طلبت منه أن يتصنع بأنها موافقة على الذهاب معه في حين هو من يرفض، بدعوى أنني بين الفينة والأخرى أتبول في فراشي وفجأة تحول من كان في رمشة العين يتوسل لي لذا الوالدة أصبح عنيدا هذه نقط من بحر حرص الوالدة علي نلتقي في الذكرى الخامسة.