دفع مصاريف التمدرس وشراء ملابس وحلويات عيد الفطر لم تستفق الأسر بعد من صدمة مصاريف رمضان، وها هي مناسبة عيد الفطر والدخول المدرسي أطبقت من جديد على أنفاسها..خاصة الأمهات، اللواتي لم يعدن يفكرن سوى في اقتناء ملابس العيد ووضع طلبات أصناف الحلويات لدى المحلات المخصصة في صنع الحلوى أو الجمعيات الفاعلة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. منذ مرور 15 يوما من شهر الصيام، والبيضاويات يقضين وقتهن، بعد الإفطار، في القيساريات والمحلات التجارية، لاقتناء ملابس عيد الفطر لأطفالهن، بحيث لا ينسين أنفسهن، إذ تفضل أغلب البيضاويات خياطة لباس تقليدي (جلباب، قميص، قفطان)، مع الحرص على اقتناء الحذاء المغربي (الشربيل أو البلغة). وتثقل مناسبة عيد الفطر كاهل بعض الأسر المغربية، التي صرفت مبالغ مالية مهمة في رمضان، ذلك أن أغلبها تكبد مصاريف كبيرة طيلة شهر الصيام، فالمأكولات المعروضة في عربات الباعة المتجولين والأسواق تفتح شهية الزبون، وتجعله يقتني من جميع الأصناف، رغم عدم قدرته على تناول تلك المأكولات خلال وجبة الفطور، بمنطق "ماخصكش تحرم كرشك". "والله أختي ماعرفتش أش ندير، واش نشري للدراري احوايج العيد، أو نخلص المدرسة أو الكتب؟ ماعليك غير بالسلف". هذا مقتطف من حديث دار بين امرأتين في سيارة أجرة، وهما في طريقهما إلى منزلهما، الأولى موظفة، ويبدو من خلال حديثها أنها حائرة، ولا تدري ما الذي ستفعله براتب شهري لا يتجاوز ثلاثة آلاف درهم. فهي أم لأربعة أطفال، أعمارهم بين 6 و10 سنوات، ومطالبة بشراء ملابس جديدة من أجل إدخال الفرحة إلى قلوبهم، وكذلك مطالبة بدفع ألفي درهم، مصاريف التسجيل في المؤسسات التعليمية الخاصة... تارة تتكلم بصوت مرتفع مرددة "راه واخا نقسم هاذ الصالير على عشرة، ماغاديش يقد"، وتارة تقول، بصوت خافت، "الله يجعل شي تاويل ديال الخير". خيم سكون في سيارة الأجرة لخمس دقائق، وفجأة، كسره صوت المرأة الثانية (ربة بيت) قائلة إن زوجها رجل مياوم، ولا يمكنهما إدخال الفرحة إلى قلوب أطفالها، ذلك أن كل المبلغ المالي المدخر صرف في رمضان... تنفست المرأة الصعداء ورددت "الواحد يمشي على قدو". قبل أن تتمم المرأة الثانية حديثها، قاطعها رجل مسن قائلا، بنبرة حزينة "الله يرضي عليك، الواحد خاصو يمشي على قدو، والمطلوب الإكثار من حمد الله على هذه النعم التي وهبنا"، مضيفا أنه ليس ضروريا شراء ملابس جديدة، واقترح إمكانية ارتداء الملابس القديمة بعد تنظيفها جيدا، وإعداد صنف واحد من الحلوى في البيت بدل اقتنائها، أو "السير على منوال أجدادنا".