تعتبر كرة القدم من أكثر الرياضات شعبية في صفوف أطفال وشبان مدينة طنجة، إلا أن المدينة تعاني كما هو معلوم من خصاص مهول في ملاعب كرة القدم العمومية ، الأمر الذي بات من جهة يشكل عائقا أمام الارتقاء بهذا الصنف من الرياضة محليا كما بات من جهة أخرى يؤثر سلبا على مهارات وأداء الناشئين والشبان الممارسين للساحرة المستديرة . ومعلوم أن أغلبية المرافق الرياضية التي تستقطب شباب المدينة لممارسة لعبة كرة القدم هي ملاعب المؤسسات التعليمية التي أصبحت فضاءاتها مجالا مغريا للاستثمار والربح السريع بعد أن حول المستثمرون ساحاتها إلى ملاعب معشوشبة صناعيا تكترى للفرق المحلية لممارسة كرة القدم المصغرة مقابل مبالغ مالية باهضة. ولا شك أن سبب ندرة ملاعب القرب العمومية المخصصة للساحرة المستديرة بمدينة طنجة يعود بالأساس إلى التوسع العمراني والاستثمار العقاري الجشع الذي تشهده هذه المدينة حيث التهمت البنايات السكنية جل المساحات الخضراء في ظل تهافت المستثمرين في المجال العقاري على اقتناء البقع الأرضية العارية ، حيث بات من النادر اليوم أن تجد فضاء أخضر وسط المدينة لم تطله أيدي لوبيات العقار. ولا ريب أن الخصاص الذي تشهده مدينة طنجة على مستوى ملاعب كرة القدم قد ساهم في خلق إكراهات وتحديات جمة لمسيري الفرق والأندية الرياضية المحلية المشاركة في بطولة كرة القدم التي تنظمها عصبة الشمال بمختلف فئاتها ومستوياتها كما أدى من ناحية أخرى إلى تراجع مستوى هذا الصنف من الرياضة بالمدينة . وفي هذا الإطار يلزم الإشارة إلى أن الكثير من فرق القسم الثالث والرابع المشاركة في البطولة التي تنظمها عصبة الشمال لكرة القدم لم تعد تجد ملعبا لممارسة تداريبها بل الأدهى والأمر من ذلك هو أن تلك البطولة باتت تشهد توقفا من حين لآخر بسبب أزمة الملاعب ، حيث يشار في هذا الصدد إلى أن بطولة القسم الرابع لكرة القدم توقفت لأكثر من شهرين خلال الموسم الرياضي المنصرم .ولعل من نافلة القول أن أزمة ملاعب التدريب أو المباريات باتت تؤرق مضاجع مسؤولي الفرق والأندية الكروية المحلية لاسيما تلك المشاركة في بطولة عصبة الشمال لكرة القدم ، إذ أن تلك الأزمة أصبحت تربك حسابات أولائك المسؤولين بسبب تداعياتها السلبية التي تؤثر على السير العادي للبطولة . ونورد في هذا المقام على سبيل المثال لا الحصر حالة أحد الفرق المشاركة في بطولة القسم الرابع لكرة القدم التي تنظمها عصبة الشمال ، وهو الفريق التي اضطر رئيسه في ظل ندرة ملاعب كرة القدم خلال الموسم الرياضي المنصرم إلى أداء مبلغ مالي يقارب مائة درهم مقابل كل حصة تدريبية مارسها لاعبو الفريق بملعب ذي أرضية ترابية يوجد بمنطقة " درادب" وهو الأمر الذي كلف ميزانية ذلك الفريق مبالغ مالية جمة لا سيما إن وضعنا في الحسبان أن لاعبي ذلك الفريق دأبوا على الاستفادة من ثلاث حصص تدريبية كل أسبوع على مدى الموسم الرياضي المنتهي . ولا مراء في أن لاعبي ذلك الفريق كانوا أفضل حالا وحظا من لاعبي العديد من الفرق المحلية الأخرى التي لم يتسن لها اكتراء ملعب قصد ممارسة تداريبها بسبب قلة ذات يد مسؤوليها ، إذ اكتفى في ظل ذلك الوضع لاعبو تلك الفرق على خوض المباريات الرسمية التي تنظمها عصبة الشمال لكرة القدم دونما إجراء لأية تداريب . وحري بالذكر أن بعض الملاعب العمومية في مدينة طنجة ما تزال شامخة صامدة تأبى الإندثار بعد أن سلمت من التفويت ومن زحف الإسمنت ، يتعلق الأمر بملعب " التحرير" الذي كان يحتضن فيما مضى فعاليات بطولة القسم الثالث لكرة القدم بينما أصبح اليوم رهين الإصلاح الذي ما فتئت أشغاله تتوقف من حين لآخر لعلة ما في ظل غياب أي مؤشر على دنو موعد انتهاء أعمال إصلاحه وترميمه ، كما أن ملعبا آخر ذا أرضية ترابية يوجد بمحاذاة شارع ابن خلدون بمنطقة السواني ما يزال بدوره حبيس الإصلاح، وتبقى الآمال معقودة على التعجيل بإتمام إصلاحه وعلى فتح أبوابه أمام أطفال و شبان المنطقة بل و على استغلاله لإجراء مباريات كرة القدم التي تنظمها عصبة الشمال على مستوى القسم الرابع وما دونه . أما ملعب مرشان الشهير فبالرغم من صلاحية أرضه فإنه ولعلة ما لم يعد بدوره يحتضن فعاليات بطولة كرة القدم بالرغم من تعالي الأصوات المطالبة بإعادة فتح أبوابه ليحتضن منافسات بطولة عصبة الشمال لكرة القدم على مستوى القسمين الثالث والرابع وما دونهما . ومما لا شك فيه أن فتح المرافق السالفة الذكر في وجه الفرق الرياضية المحلية وفي وجه شباب المدينة سيطرد نسبيا لعنة خصاص الملاعب التي باتت تطارد عروس الشمال ، كما سيتيح من جانب آخر لهواة كرة القدم من أبناء المدينة الإستفادة منه عبر تفجير طاقاتهم وإبراز مواهبهم وصقل مهاراتهم وتجويد أدائهم وهو ما سيشكل بالطبع مكسبا للفرق الرياضية ودفعة للكرة المحلية . ولا مراء في أن الانقراض الذي بات يتهدد ملاعب كرة القدم العمومية في مدينة طنجة بسبب زحف البناء والعمران وجشع لوبيات العقار جعل أطفال العديد من أبناء المدينة يضطرون من أجل إشباع رغباتهم في ممارسة كرة القدم لاستغلال الأزقة والدروب والطرق المعبدة والساحات العمومية ومواقف السيارات بل وملاعب بعض المؤسسات التعليمية بعد أن يتكبدوا عناء تسلق أسوارها خارج أوقات الدراسة . وانطلاقا مما سلف بسطه نعتقد أنه صار لزاما على المسؤولين و أعضاء المجالس المحلية المنتخبة أن ينظروا إلى قضية أزمة ملاعب كرة القدم التي تعاني منها مدينة طنجة بعين الاهتمام و الاعتبار ويعملوا على إيجاد حل لها وذلك في أفق السعي نحو خدمة الرياضة المحلية بما يجعل عروس الشمال تستعيد بريقها الكروي المفقود . وفي هذا الإطار ينبغي العمل في أفق السعي نحو تحقيق هذا المبتغى على تسريع وتيرة إصلاح وصيانة الملاعب الرياضية العمومية المغلقة وخلق وتأهيل ملاعب عمومية أخرى يتم فتح أبوابها للتداريب وللمباريات الرسمية في وجه الفرق المحلية وفي وجه أبناء المدينة وذلك سعيا نحو اكتشاف مواهبهم و الإرتقاء بقدراتهم ومهاراتهم بل وإنقاذا لشريحة منهم من براثن الضياع والانحراف .