تحمل ذكرى مولد الرسول، قدسية وأهمية كبيرة في مدينة طنجة، حيث يحرص أغلب ساكنتها على برمجة مناسباتهم الخاصة كالخطوبة والزواج والختان في هذه الفترة الزمنية، إيمانا منهم بفضل هذه الأيام وبركتها وكذا ارتباطها بحلول باقي الخيرات، حيث دأب الطنجاويون على إعذار أبناءهم عند هذه الذكرى لجعل الفرحة فرحتين، فرحة بقدوم خير البشر وفرحة بتطبيق تعاليمه المتعلقة بشروط الدخول للإسلام. وتعتبر العادات والتقاليد المرتبطة بالختان من بين أقدس الأشياء التي يقوم بها سكان مدينة طنجة، فالجميع يحرص على إتباعها بحذافيرها، لكونها مناسبة لن تتكرر في حياة الطفل، فبمجرد أن يرى الوالدين أن هذا الأخير أصبح قادرا على تحمل أعباء هذه العملية، تقوم الأم بشراء لوازم الختان أو كما يسمى بلهجة سكان المدينة "الطهارة"، والتي تتكون عادة من ألبسة خاصة (جلباب أبيض وأخضر، سروال أبيض، غطاء رأس أخضر، بلغة صفراء وسلهام أخضر)، بالإضافة إلى الحلويات والحناء. ويفضل العديد من السكان جعل هذا الحدث تقليديا بمعنى الكلمة، فبعد عودة الطفل من مكان إجراءه لهذه العملية البسيطة، تبدأ الأفراح والمسرات في بيت العائلة، حيث تقوم الأم بوضع الحناء في يدي المختن تم في يديها ورجليها، مع منحه "صرة" أو كيس صغير يحتوي على مجموعة الأشياء التي ستحمي الطفل من "العين"، فيما يقوم أفراد العائلة والجيران بتقديم التهاني والمبالغ المالية أو ما يسمى ب "الهناوات" مع ترديدهم لعبارة "هنية على الإسلام" أي هنيئا على دخول الطفل في الإسلام. ونظرا لكون هذه العملية تتطلب التوفر على مبلغ مالي لا بأس به، تبادر مجموعة من فعاليات المجتمع المدني بتنظيم بعض حفلات الختان الجماعي للأطفال المنتمين لأسر معوزة وفقيرة، وذلك عبر توفيرهم لطبيب متخصص من خلال عقدهم لشراكات مع مستشفيات خاصة أو عمومية، بالإضافة إلى بعض الألبسة والحلويات، لضمان مرور النشاط وفق العادات والتقاليد. ويرى الفاعل الجمعوي، محمد الحراق، إن عمليات الختان الجماعي التي تشرف عليها جمعيات المجتمع المدني، تدخل في إطار الأنشطة الإجتماعية الرامية لتكريس ثقافة التعاون والتكافل بين جميع مكونات المجتمع، بالإضافة إلى مساعدة الفئات الغير قادرة على القيام بهذه العميلة الهامة والضرورية لكل طفل. وأضاف الحراق، في تصريح لجريدة "طنجة 24" الإلكترونية، أن مثل هذه الأنشطة يجب أن يتم دعهما وتشجيعها من طرف الجميع، وذلك لضمان إنتشارها، حيث أن أغلب العائلات والأسر الفقيرة لا تجد مفرا من الإقتراض للقيام بعملية الختان، الأمر الذي يستوجب معه تضافر جهود جميع الفاعلين من أجل تعميم هذه الأنشطة وضمان تغطيتها لأغلب المناطق والأحياء الفقيرة.