في مشهد يعكس تغيراً في ميزان التوترات الإقليمية، شرع الجيش الإسباني في تنفيذ تدريبات عسكرية مكثفة داخل مدينة سبتةالمحتلة، في خطوة اعتبرت محاولة واضحة لتعزيز الجاهزية القتالية في وجه ما وصفته ب"التحولات الأمنية المتسارعة بغرب البحر الأبيض المتوسط"، في إشارة ضمنية إلى تصاعد القدرات العسكرية المغربية. ووفق صحيفة El Debate الإسبانية، فقد نظم الجيش الإسباني تمرينا للرماية المضادة للطائرات في ميدان "ألمينيا"، باستخدام المدفع السويسري الصنع "GDF-007″، تحت إشراف الفوج المختلط للمدفعية رقم 30. ويأتي هذا التحرك في سياق ترى فيه مدريد أن توازن الردع التقليدي آخذ في الاهتزاز، مع استمرار المغرب في تعزيز قدراته الدفاعية والهجومية في آن واحد. ويجمع مراقبون على أن المملكة المغربية، التي راكمت خلال السنوات الأخيرة تقدماً نوعياً في مجالات التكنولوجيا الدفاعية والتصنيع الحربي، باتت تفرض نفسها فاعلاً مركزياً في معادلات الأمن الإقليمي. وهو ما يفسر، في نظر كثيرين، الطابع المستعجل والرمزي لهذه التحركات العسكرية الإسبانية. فإسبانيا، التي اعتادت لعقود اعتبار تفوقها العسكري في سبتة ومليلية أمرا مفروغا منه، تجد نفسها اليوم في مواجهة مغرب جديد، يمتلك طائرات مسيرة هجومية، ومنظومات دفاع جوي حديثة، وشبكة شراكات استراتيجية تمتد من واشنطن إلى أنقرة، مروراً بتل أبيب وبكين. ورغم أن صحيفة El Debate حاولت تأطير المناورات في سياق تدريبي تقني، إلا أن تواتر هذه الأنشطة في ظرف إقليمي دقيق لا يمكن قراءته بمعزل عن تنامي الحضور المغربي في ملفات إقليمية كانت لعقود حكرا على النفوذ الإسباني. ولعل الرسالة غير المعلنة لهذه المناورات، كما يقرأها مراقبون، تتمثل في محاولة استباق أي إعادة نظر محتملة في ملف سبتة ومليلية المحتلتين، خصوصاً بعد أن أصبح المغرب يُدير أوراقه الاستراتيجية بهدوء، ولكن بفعالية واضحة. وفي انتظار أن توضح مدريد مقاربتها الحقيقية تجاه علاقتها بجارها الجنوبي، يبدو أن الخوف من صعود المغرب لم يعد مجرد انطباع، بل أصبح واقعا يوجّه عقيدة الدفاع الإسبانية نفسها.