في طنجة ذوقان.. ذوق قديم و أخر حديث أما القديم، أي الذوق، فمسرح تذوقه بدروب المدينة القديمة وأزقتها، وأنت تتجول بدروب المدينة تأخذك الشرفات بمنظرها الجميل، فتجد نفسك تلتقط بجوالك بانبهار صورا للشرفات بدون ما تشعر، وإنما في الحقيقة تأخذ صورة للذوق، تخلد ذكرى صاحب الذوق الذي أبدع هذه الشرفات من ذوقه الذي طابق ذوقك بدخيلة نفسك. ورغم أن الإهمال أخذ من الشرفات مأخذه، بقي بهاؤها الخافت رغم ذلك يأخذ بكل صاحب ذوق.. هنا بالضبط أتكلم على طاقات أو شرفات حومة بني يدر على وجه الخصوص (على شكل مشبك الشعر). جولة ولو على عجل بالمدينة، بالقصبة مرورا بزنقة فرنسيس، بباب طياطرو، زنقة تطوان، سوق الداخل، تخرج بخلاصة مفادها أن من تولوا تسيير شأن هذه المدينة إبان الفترة الدولية كانوا أصحاب ذوق، وكأن الذوق كان شرطا من شروط الجلوس على عرش تسيير الشأن العام والفصل فيه. أما الذوق الحديث والعياذ بالله، يمكن أن نرمقه، لأنه لا يتذوق، تذوقه يثير الغثيان والقيء، نرمقه بسور المدينة العتيد الذي رمم بطريقة محقت فيها كل ما يمت بصلة إلى الحضارات السابقة الرومانية.. البرتغالية ..الأموية. مشكلة الذوق، ذوق مدينة، لم يحترم أيضا بالبنايات الجديدة التي شيدت (مارينا) أو التي ستشيد إبان مشروع إعادة هيكلة ميناء المدينة، لم يتم تطابقها بينها وبين البنايات ذات الطابع الكولونيالي، هذا القرب في المكان أعطى تقابلا في الذوق بين جيلين من دون قصد، وهو من الخطأ الفادح الذي لم ينتبه إليه في مشروع إعادة تهيئة كورنيش "بلايا". هذا الفصل في الذوق، لم يكن ملموسا قبل طنجة الكبرى، حتى البولفار إذا اعتبرناه بعيدا عن المركز المدينة القديمة إبان طنجة الدولية، لم تكن تختلف بناياته عن المدينة القديمة في الشكل كما في التشييد والبناء. من جهة أخرى للذوق انعكاس على الفرد، وكيفما انعكس الذوق على الفرد سينعكس على المجتمع، ولهذا نجد سكان طنجة في المرحلة الدولية انعكس المعمار والفن في أذواقهم فاختلفت ألسنتهم وقبولهم للآخر، أما الفرد أو الإنسان الطنجي اليوم أو الذي نطمح إليه لن يكون إلا من صنع أذواق المسئولين، فإذا غاب الذوق في المسئول فماذا تنتظر من الإنسان العادي خلاصة القول المشكل في طنجة مشكلة ذوق، فاللهم ول علينا أصحاب الذوق يحفظون لهذه المدينة ذوقها.