يكتسي افتتاح مركز جديد للصحة الجنسية والإنجابية بمدينة الفنيدق أهمية خاصة في ظل التحديات الصحية والاجتماعية التي تواجهها الفئات الهشة والمهاجرون غير النظاميين في المنطقة. وبفضل شراكة بين الهلال الأحمر المغربي والجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، يأتي هذا المشروع لتعزيز الولوج إلى الخدمات الطبية في مدينة تتقاطع فيها الرهانات الصحية مع إشكاليات الهجرة والتفاوت الاجتماعي. "هذا المركز هو ثمرة شراكة بين الهلال الأحمر المغربي والجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، والتي تم توقيعها في فبراير من السنة الماضية بمدينة طنجة"، يقول محمد العربي المرابط، رئيس المكتب الإقليمي للهلال الأحمر المغربي بعمالة المضيق-الفنيدق. ويؤكد المرابط في تصريحات لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن الهدف الأساسي منه هو "توسيع وتعزيز نطاق الولوج إلى الخدمات الصحية لفائدة الفئات الهشة بعمالة المضيق-الفنيدق، إلى جانب انفتاحه على الوافدين على العمالة، خاصة المهاجرين غير النظاميين". الفنيدق، التي تشكل نقطة عبور نحو سبتةالمحتلة، عرفت خلال السنوات الأخيرة تدفقات مهمة للمهاجرين غير النظاميين، ما ألقى بظلاله على الخدمات الاجتماعية والصحية. هؤلاء المهاجرون، الذين غالبًا ما يتنقلون في ظروف صعبة، يعانون من هشاشة صحية تفاقمها محدودية إمكانياتهم في الولوج إلى الرعاية الطبية، سواء بسبب غياب التغطية الصحية أو الوضع القانوني غير المستقر. في هذا السياق، يمثل هذا المركز الجديد إضافة نوعية في النسيج الصحي المحلي، حيث لا يقتصر دوره على تقديم الفحوصات والعلاجات الطبية، بل يشمل أيضًا خدمات التوعية والتحسيس بالصحة الجنسية والإنجابية. فبالنظر إلى الطبيعة المحافظة للمجتمع، تبقى هذه المواضيع في كثير من الأحيان محاطة بالصمت، ما يجعل التوعية عنصرًا أساسيًا في تعزيز الوقاية وتغيير العقليات. ويعكس إحداث هذا المركز في مدينة الفنيدق تحولًا في طريقة تدبير القضايا الصحية والاجتماعية بالمنطقة. فبدل الاقتصار على الخدمات الصحية التقليدية، يفتح المركز الباب أمام مقاربة أكثر شمولية، تستهدف الشرائح الأكثر تضررًا، بمن فيهم النساء في وضعية هشاشة والشباب والمهاجرون. "التحدي اليوم لا يقتصر فقط على توفير العلاجات، بل على ضمان وصولها إلى من هم في أمس الحاجة إليها"، يشدد المرابط، الذي يرى في هذه المبادرة خطوة إضافية نحو تقليص الفجوة الصحية بين مختلف الفئات الاجتماعية، وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى الرعاية الطبية. وفي ظل استمرار التدفقات البشرية نحو المنطقة، يبدو أن الرهان الأساسي لهذا المركز لن يكون فقط تقديم الخدمات الصحية، بل ترسيخ نموذج جديد للعدالة الصحية، يتجاوز منطق التدخلات الظرفية نحو حلول دائمة ومستدامة، تضمن حق الجميع في خدمات صحية ذات جودة.