ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الإستقلال المجيد .. من الدفاع عن السيادة الوطنية إلى الريادة العالمية
نشر في طنجة 24 يوم 18 - 11 - 2023

تعتبر ذكرى عيد الإستقلال المجيد ملحمة وطنية تاريخية، تجسد لنا الكفاح الوطني بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي من أجل الحرية والإستقلال، دفاعا عن وحدة وسيادة الوطن.
حيث بتاريخ 18 نونبر 1956 أعلن الملك المجاهد جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه عن إستقلال المغرب وقال قولته الشهيرة والعظيمة:"عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، وقام جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني نور الله ضريحه، موحد وباني المغرب الحديث ببناء دولة المؤسسات، وأعلن عن نظام دستوري ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، فاسترجع سيدي إفني سنة 1969 وقام بمسيرة عبقرية سلمية "المسيرة الخضراء "سنة 1975 لإسترجاع الأقاليم الجنوبية، وفي سنة 1979 استرجع جلالته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته إقليم وادي الذهب.
سنحاول من خلال هذا التحليل التطرق لأهم المنجزات التي طبعت تاريخ المغرب الحديث، أهمها في العهد الجديد، في ظل القيادة الرشيدة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذلك من خلال ما يلي :
المحور الأول : الدولة الإجتماعية في صلب أولويات السياسة العامة
إن التوجه نحو تكريس الدولة الإجتماعية لا يعتبر وليد اللحظة بل هو في جذور المملكة المغربية العلوية الشريفة، حيث أنه بمجرد حصول المغرب على الإستقلال،حافظ على "صندوق المقاصة" الذي أُحْدِث سنة 1941، لدعم القدرة الشرائية للأسر، كما دشن مجموعة من الأوراش.
ففي عهد جلالة المغفور له الملك محمد الخامس قدس الله روحه، تم إحداث مؤسسة "التعاون الوطني" التي أصبحت الآن تحت وصاية "وزارة التضامن والإدماج الإجتماعي والأسرة"، كما تم إحداث" الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي" لهيكلة القطاع الخاص وضمان الحقوق للأجير، بالإضافة إلى إحداث صناديق التقاعد لضمان الحقوق والعيش الكريم للمتقاعدين، بل أكثر من ذلك أنه تم إطلاق مجموعة من المخططات منذ سنة 1958 لغاية سنة 2004 همت المجالين،الإقتصادي والإجتماعي، دون أن ننسى مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تلعب دورا محوريا وتُعد من ركائز الدولة الإجتماعية.
وفي العهد الجديد تم إطلاق سلسلة من الأوراش الكبرى:
+ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 والتي أكد فيها جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره أنها ورش مفتوح بإستمرار، وعرفت ثلاث نسخ، من سنة 2005 إلى غاية 2023؛
+ صندوق التكافل العائلي؛
+ صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الإجتماعي، الذي يقدم دعما للنساء الأرامل الحاضنات للأطفال اليتامى ويقدم دعما أيضا للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة ؛
+ برنامج تيسير، والمبادرة الملكية مليون محفظة، وإحداث المطاعم المدرسية والداخليات، بالإضافة إلى المنح الجامعية والسكن الجامعي؛
+ نظام التغطية الصحية سنة 2006 والذي تم استبداله الآن بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض AMO ؛
+ دستور 2011 الذي نص على مقتضيات مهمة تُكرس وتُقر بالحقوق بالإجتماعية وتتماشى مع المواثيق الدولية أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛
+ في جائحة كورونا، برهن المغرب مجددا للعالم بأنه دولة إجتماعية بإمتياز، من خلال صرف الدعم المالي المباشر للمواطنات والمواطنين، وكذا توفير اللقاحات بالمجان للجميع حتى الأجانب المقيمين بالمغرب؛
+ الإدماج الإجتماعي عبر التمكين الإقتصادي، كبرنامج فرصة، وبرنامج أوراش، وبرنامج إنطلاقة، برنامج جسر التمكين والريادة الذي يهم النساء، برنامج مدن المهن والكفاءات… إلخ.
+ إصلاح منظومة التربية والتكوين، بالإضافة إلى إصلاح القطاع الصحي تنفيذا للتعليمات الملكية السامية وذلك بموجب القانون الإطار 06.22 ؛
+ ورش تعميم الحماية الإجتماعية الذي جاء تجسيدا للإرادة الملكية السامية( خطاب العرش المجيد وخطاب افتتاح البرلمان سنة 2020)، تُرجِم على أرض الواقع من خلال قانون الإطار 09.21 الذي جاء بأربعة مقتضيات أساسية، أولا تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ثانيا تعميم التعويضات العائلية، ثالثا تعميم التقاعد، رابعا تعميم التعويض عن فقدان الشغل، نحن في هذه السنة بصدد تفعيل المقتضى الثاني وتم إخراج مشروع قانونين، مشروع قانون 58.23 المتعلق بالدعم الإجتماعي المباشر، ومشروع قانون 59.23 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الإجتماعي المباشر.
ويعتبر هذا الورش الإجتماعي ثورة إجتماعية حقيقية،ثورة جديدة للملك والشعب،فورش تعميم الحماية الاجتماعية سيُمكِّن من إدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الإقتصادي والإجتماعي، وسنفتح قوس بخصوص الدعم الإجتماعي المباشر لتوضيح بعض الأمور ومواجهة الإشاعات التي تحاول تبخيس المجهودات المبذولة، هناك إشاعات تقول بأن الدولة سترفع الدعم عن الغاز وبالتالي ستمس الطبقة المتوسطة،كل هذه إشاعات لأن رفع الدعم عن الغاز سيساهم في تكريس العدالة الإجتماعية، إذ لا يُعقل أن تظل الدولة تدعم عبر صندوق المقاصة الغاز، وتظل الطبقة الغنية تستفيد من الغاز المُدعم، فالطبقة الغنية والمقاولات الكبرى هي من تستفيد من الغاز بشكل يومي لأنها تحتاجه بإستمرار، بينما الطبقة المتوسطة أو الفقيرة فهي تستهلك الغاز مرتين في الشهر إلى حدود ثلاثة مرات، وبالتالي في إطار تكريس الحكامة الجيدة، الدولة فكرت بأن تمنح الدعم مباشرة إلى الأسر لكي تواجه أعباء الحياة، بينما الطبقة الغنية وكبار المقاولات ستشتري الغاز بثمنه الحقيقي وليس المدعم، في إطار تكريس المساواة والعدالة الإجتماعية ؛
+ في زلزال الحوز سنة 2023، قدمت الدولة برنامجا إستعجاليا بميزانية مهمة 12 مليار سنتيم، هَمَّ إيواء المتضررين، وإعادة الإعمار، من خلال تقديم دعم مالي مباشر 2500 درهم شهريا لمدة سنة، ثم تقديم دعم مالي آخر، يتعلق الأول بإعادة بناء المنازل التي دُمرت بشكل نهائي، بمبلغ مالي قدره 14 مليون سنتيم، أما الثاني بالنسبة للمنازل التي دُمرت بشكل جزئي، بمبلغ مالي 8 مليون سنتيم، دون أن ننسى تخويل اليتامى ضحايا الزلزال صفة مكفولي الأمة ،كما هَمَّ هذا البرنامج، تأهيل المناطق، وإمتصاص العجز الإجتماعي، وإطلاق برامج التنمية الاجتماعية وتشجيع الأنشطة الإقتصادية، دون أن ننسى بأنه تم تقديم دعم للفلاحين من خلال دعم المواد الفلاحية من أعلاف.. إلخ ، وهذا بفضل العناية الملكية السامية، من خلال ثلاث جلسات عمل تم عقدها مباشرة بعد الزلزال؛
+ الدعم المباشر للسكن، من خلال دعم مالي للطبقة الفقيرة والمتوسطة لإقتناء السكن، استكمالا لورش مدن بدون صفيح؛
+ دعم المواد الأساسية للحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، وهذا ما نلاحظه دائما، بل حتى في جائحة كورونا وما بعد الجائحة، فرغم الأزمة العالمية وتداعيات الجائحة على الإقتصاد العالمي، استمرت الدولة في نهجها الإجتماعي من خلال تزويد الأسواق بالمواد الأساسية والزيادة في ميزانية صندوق المقاصة إذ تم تخصيص أكثر من 32 مليون درهم حسب خطاب العرش المجيد سنة 2022.
المحور الثاني : إقتصاد قوي وتنافسي
+ منذ الإستقلال، عملت الدولة على تكوين إقتصادي قوي وتنافسي، يشجع الإستثمار والصادرات ، ويُثَمن المنتوج الوطني، فمنذ أواخر الخمسينات تم تشجيع الإستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي تم سن ميثاق الإستثمار؛
+ إحداث المراكز الجهوية للاستثمار سنة 2002 بمبادرة ملكية سامية لتشجيع المقاولات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة والعمل على مواكبتها، وتفعيل السياسة العامة للدولة في مجال تنمية وتحفيز الإستثمار، وتم إصلاحها بموجب القانون 47.18؛
+ ميثاق الإستثمار الجديد (القانون الإطار 03.22) الذي جاء لتنمية الإستثمار والتركيز على القطاعات الواعدة وجعله حافزا للتنمية، وتشجيع المقاولات المغربية ودفعها للعالمية، وتشجيع كذلك علامة "صُنع بالمغرب" أي تشجيع المنتوج المحلي الوطني؛
+ المغرب أصبح رائدا في مجال صناعة السيارات بإختلاف أنواعها، بما فيها الكهربائية، والصديقة للبيئة، بالإضافة إلى صناعة الطائرات، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وصناعة النسيج، دون أن ننسى الصناعة العسكرية، بل أكثر من ذلك أن المغرب دخل في مجال صناعة الأدوية واللقاحات، تحقيقا للسيادة الصحية الطبية؛
+ بما أن الإقتصاد الوطني يقوم أيضا على الفلاحة، فقد أطلق المغرب مخطط المغرب الأخضر، وخطة الجيل الأخضر لتطوير سلاسل الإنتاج والتوزيع، دون أن ننسى بأنه في ظل الجفاف قام المغرب بوضع برنامج دعم المواد الفلاحية لدعم الفلاحين والحفاظ على الماشية، كما وضع البرنامج الوطني للماء 2020-2027 بإعتبار أن الماء حيوي للقطاع الفلاحي وللتنمية ككل؛
+ تعزيز مكانة المغرب في الأسواق العلامية في مجال الهيدروجين الأخضر من خلال إطلاق برنامج "عرض المغرب" الذي تحدث عنه جلالة الملك حفظه الله ورعاه في خطاب العرش المجيد 2023 ؛
+ المغرب قوة عالمية في مجال الطاقات المتجددة، من خلال العديد من البرامج كمخطط المغرب الأصفر؛
+ جعل السياحة المغربية ذات إشعاع قاري وعالمي وذو قدرة تنافسية قوية، من خلال مجموعة من الإستراتيجيات كمخطط المغرب الأزرق؛
+ إحداث صندوق محمد السادس للإستثمار لدعم وتمويل المشاريع الإستراتيجية؛
+ إحداث ميناء طنجة المتوسطي الذي يعتبر من الأفضل في العالم، كما تم إطلاق ورش "القطار فائق السرعة" وتحديث شبكة المواصلات والمطارات، والطرق… إلخ كل هذا خدمة للتنمية.

المحور الثالث : نظام سياسي: ديمقراطي، عادل، وحقوقي بإمتياز
+ منذ حصول المغرب على الإستقلال قام بسن ظهير الحريات العامة سنة 1958، كما أنه بعد أربع سنوات على صدوره، تم تدشين أول تجربة دستورية ديمقراطية، من خلال إصدار دستور 1962، وأخيرا دستور 2011 الذي سُمي بدستور الحقوق والحريات، فالنظام السياسي المغربي يقوم على التعددية الحزبية ويضمن الحقوق للنقابات(نرى أن الدولة تلتزم بمقتضيات الحوار الإجتماعي وترفع من أجور الموظفين وكذا المستخدمين.. إلخ) ، ويقوم على تنظيم ترابي لامركزي قائم على الجهوية المتقدمة، بالإضافة إلى سياسة اللاتمركز الإداري التي تُعَدُّ ورشا إستراتيجيا داعما للامركزية الإدارية سواء الترابية أو المرفقية؛
+ الديمقراطية التشاركية من خلال السماح للمواطنات والمواطنين والمجتمع المدني بالمشاركة في العملية التنموية، بل وحتى في المبادرة التشريعية من خلال السماح لهم بالتقدم بملتمسات التشريع ؛
+ الإقرار الدستوري بحق التجمهر والتظاهر السلمي؛
+ تأسيس المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تماشيا مع مبادئ باريس؛
+ إبرام اتفاقيات حقوقية مع مختلف الإدارات العمومية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك اتفاقية بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني لتكريس ثقافة حقوق الإنسان في المرفق العام الأمني؛
+ جعل القضاء في خدمة المواطن وركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات، من خلال ضمان استقلاليته بموجب الوثيقة الدستورية الجديدة، وجعل النيابة العامة مستقلة عن السلطة التنفيذية بموجب القانون 33.17 وتخويل رئاستها للوكيل العام للملك بمحكمة النقض، بل أكثر من ذلك أنه منذ تسعينيات القرن الماضي تم إحداث القضاء الإداري(المحاكم الإدارية "القانون 90.41″ومحاكم الإستئناف الإدارية"القانون 03.80" ثم الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري بموجب القانون 38.15 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2023، بعدما كانت هناك فقط غرفة إدارية بمحكمة النقض سنة 1957، وهذا كله لتكريس دولة الحق والقانون؛
+ مصادقة المملكة المغربية العلوية الشريفة على جميع الإتفاقيات الحقوقية، سواء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، أو اتفاقية حقوق الطفل، أو اتفافية مناهضة التعذيب، أو اتفاقية حماية المرأة، أو اتفاقية حماية حقوق المهاجرين، أو الإتفاقية الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة… إلخ؛
+ مدونة الأسرة،لصيانة كرامة الرجل وحقوق المرأة والطفل، ونحن اليوم بصدد إعادة النظر فيها تنفيذا للتعليمات الملكية السامية المتضمنة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2022 وكذا الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة سنة 2023، وتم تشكيل لجنة مكلفة بهذه المهمة تعتمد في طريقة إشتغالها على المقاربة التشاركية.
المحور الرابع : مرفق عمومي عصري في خدمة المواطن
+ منذ الإستقلال عملت الدولة على إحداث المرافق العمومية في إطار عصرنة الإدارة العمومية من خلال سن نظام الوظيفة العمومية (الظهير الشريف لسنة 1958)، كما تم القيام بمجموعة من الإصلاحات، هَمَّت الإنتقال بالإدارة العمومية من التسيير(la gestion) إلى التدبير(le management) ، من أجل تجويد الخدمات، عبر رقمنتها(القانون 55.19)، والتعامل مع المواطن ليس كمرتفق فحسب بل كزبون من خلال التنصيص بموجب القانون 54.19 على أن الخدمات العمومية ينبغي أن تُراعَى فيها الجودة والإعتماد على مؤشر قياس رضا المرتفقين، بحيث أن الإدارات العمومية تشتغل بمنطق المقاولة التي تُراعِي الجودة في منتوجاتها وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية المتضمنة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2017 الذي دعا فيه جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره إلى تغيير العقليات والإشتغال بمنطق القطاع الخاص.
المحور الخامس : المؤسسات الأمنية: مسؤولية كبيرة، فعالية ونجاعة في الإشتغال ، جهد متواصل لخدمة الوطن
لقد أصبح المغرب محطة تنويه دولي في المجال الأمني والإستخباراتي، بل أصبحت جل دول العالم تتسابق للتعاون معه، بفضل الحكامة الأمنية والسياسة الناجعة والمقاربة الإستباقية والفعالية والسرعة، ففي مجال محاربة الإرهاب والتطرف أصبح المغرب نموذجا يُحتذى به، ومقاربته في هذا المجال لم تقتصر على المجال الأمني فحسب، بل شملت المقاربة الدينية القائمة على التسامح والإنفتاح والوسطية والإعتدال، ثم مقاربة تنموية وحقوقية، ولقد أعطت أُكْلَها وثِمارها،فبرنامج "مصالحة" مثلا أو مؤسسة إعادة إدماج السجناء تعطي للسجين الحق في حياة جديدة للإندماج مجددا في المجتمع وهذا تماشيا مع خطاب جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وخلد في الصالحات ذكره "إن الوطن غفور رحيم" وكذلك تماشيا مع الدستور والمواثيق الدولية.

المحور السادس: الوحدة الترابية
+ نلاحظ بأن المغرب تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لجلالة الملك حفظه الله ورعاه حقق إنجازات تنموية في الأقاليم الجنوبية المغربية، من خلال إطلاق أوراش تنموية آخرها النموذج التنموي سنتي 2015 و2016، وإطلاق جيل جديد من المشاريع همت البينات التحتية وإحداث ميناء الداخلة الأطلسي، وبرنامج تحلية مياه البحر، والصيد البحري، والإهتمام بالسياحة الشاطئية والصحراوية، كل هذا جعل من هذه الأقاليم "جوهرة ولؤلؤة" وقطب تنموي تنافسي عالمي، ورابطة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي وواجهة جذابة للإستثمار؛
+ تزايد عدد الدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي بالإضافة إلى فتح العديد من القنصليات في مدينتي الداخلة والعيون المغربيتين، دون أن ننسى كذلك الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020، كل هذا بفضل الديبلوماسية المغربية الناعمة، ديبلوماسية العمل الجاد والفعالية والنجاعة؛
+ تزايد عدد الدول الموقعة على نداء طنجة لطرد مرتزقة البوليساريو الإنفصالية والإرهابية من منظمة الإتحاد الإفريقي حيث وصل العدد الآن ل23 دولة إفريقية.
المحور السابع: التعاون الدولي
+ المغرب في توجهه الرسمي دائما تقوم سياسته على الإنفتاح والشراكات الإستراتيجية، فديبلوماسيته تقوم على تعدد الشركاء، وهذا ما نلاحظه منذ الإستقلال إلى اليوم، فالمغرب له شركاءه التقليديون،كما له شركاء جدد، فله شراكات مع دول أمريكا الجنوبية، مع آسيا، مع روسيا، مع جل الإتحاد الأوروبي؛
+ عودة المغرب للإتحاد الإفريقي بتاريخ 31 يناير 2017 شكلت ضربة قاضية لخصوم وحدتنا الترابية، إذ يلعب دور الريادة الإفريقية ويريد أن تكون إفريقيا قوية بنفسها بمواردها، ولعل الدعم الذي قدمه جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره للعديد من الدول الإفريقية إبان أزمة كورونا خير مثال على ذلك، كما له شراكات إقتصادية مثلا أنبوب الغاز مع دولة نجيريا، بالإضافة أنه يلعب دورا مهما في نشر الأمن والإستقرار بإفريقيا، وكذا ضمان الأمن الغذائي، وإذا عدنا لخطاب المسيرة الخضراء 2023 نجد أن جلالة الملك حفظه الله ورعاه يريد التعاون مع 23 دولة إفريقية أطلسية، وهذا تفكير إستراتيجي ذو أبعاد ودلالات قوية.
وفي الختام، حاولنا من خلال هذا التحليل التطرق لأهم المنجزات التي حققها المغرب، بفضل الرؤية الملكية السديدة، فإذنا عدنا للخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح البرلمان سنة 2017، نجد أن جلالة الملك نصره الله وأيده أعلن عن فشل النموذج التنموي السابق، لكن ما يميز المؤسسة الملكية أنها تملك العزيمة والإرادة الصادقة والحب الكبير للمغرب، فقد استطاعت أن تحول التحديات إلى فرص، إذ مباشرة بعد الخطاب تم التفكير في نموذج تنموي جديد وتكليف لجنة لإعداده، ونحن اليوم على مشارف نهاية سنة 2023، وقد أعلن جلالة الملك حفظه الله ورعاه في خطاب العرش المجيد هذه السنة بأن النموذج التنموي الجديد قد بلغ مرحلة النضج والمطلوب هو الجدية وفي خطاب المسيرة الخضراء هذه السنة أكد جلالته أسماه الله وأعز أمره بأن كلامه عن الجدية ليس عِتابا وإنما تحفيزا وتشجيعا لمواصلة النجاحات، وسنختم بمقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2018، إذ قال جلالته حفظه الله ورعاه :"فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك، ويجب علينا جميعا أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.