قال المفكر المغربي، محمد جبرون، اليوم السبت، إن "الإسلاميين تحملوا وحدهم أعباء ثورات الربيع العربي (بدأت أواخر 2010)، ومهمة استعادة النظام وتثبيت الاستقرار"، بالبلدان التي شهدتها. جاء ذلك في محاضرة ألقاها، بصالون "جدل الثقافي" التابع لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث" (بحثية غير حكومية)، تحت عنوان "استعادة النظام بدول الربيع العربي بين الديمقراطية والسلطوية". وأضاف جبرون، المتخصص في التاريخ والفكر الإسلامي، أن "الإسلاميين تصدروا المشهد السياسي ببلدان الربيع العربي؛ لأنهم كانوا أكثر قربا من الشارع مقارنة بالحركات الأخرى، لذلك ألقيت على عاتقهم مهمة عقلنة الثورة". وتتجلى العقلنة، وفق جبرون، في "إعادة الثقة وبناء شرعية مؤسسات الدولة، وانتظام الناس في العمل المؤسساتي، وخروج السياسة من منطق الغنيمة إلى المسؤولية". واعتبر أن "المشكلة التي واجهت الإسلاميين، أنهم لم يكونوا مهيئين لذلك، لأن بناء توافق سياسي كان يقتضي قبولهم بالخروج عن حكم الشارع، والتراجع عن الراديكالية". وأكد أن "القوى الإسلامية في سعيها إلى عقلنة الثورات واستعادة النظام واجهت 3 إكراهات؛ أولها راديكالية مطالب الشارع، وثانيها، نفوذ القوى التقليدية (اليساريون واللبراليون)". وتابع جبرون، "أما ثالثها فهي اعتبار النظام بأن الجيل الحالي لم يكن مهيئا للإصلاح". ورأى المفكر أن "الإسلاميين فشلوا في تحقيق التسوية وتدوير مطالب الناس وجعلها قابلة للتحقيق، بسبب استمرار حالة اللاستقرار والخوف وعدم الاطمئنان للمستقبل في بلدان الربيع العربي، ورواج مفاهيم من قبيل الثورة المضادة". وأوضح أن "التسوية التي فشل فيها الإسلاميون وتمثل روح العقلنة، كانت تقتضي نوعا من خيانة الثورة، لأن الوفاء للشارع لا يمكن أن يستعيد النظام". ولفت أن "القوى التقليدية التي كانت حاضرة في بنية النظام، كانت معنية بعقلنة الثورات واستعادة النظام والاستقرار، ولعب دور الوساطة بين الدولة والمجتمع، وهو ما لم يتحقق". وأضاف أنها "لجأت إلى تبني خطاب شعبوي؛ كي تجد لها موطئ قدم في المشهد السياسي، لتنال مصداقية في الشارع العربي"، مستشهدًا ب"حركة تمرد في مصر(ساهمت بشكل كبير في الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب بتاريخ مصر)". وقال جبرون إن القوى التقليدية "كانت في جوهرها حركة شعبوية خلفها حركات تقليدية، لم تكن تطرح معارضة حقيقية وموضوعية، إنما كانت مجرد إحراج، وأدّت هذا الدور بكفاءة عالية". ولفت إلى أن "الخطاب الشعبوي الذي استعملته القوى التقليدية كان تكتيكا، ولم يكن يعبر عن حقيقة سياسية". ورأى المفكر المغربي أنه "كان يفترض بهذه القوى أن تدشن تعاونا مثمرا مع القوى الجديدة (الإسلاميين)، من أجل البحث عن المشترك الوطني". وأوضح جبرون أن "المأزق التاريخي والسياسي للدول العربية يجعل الربيع العربي بين حلين اثنين؛ إما بتحقيق توافق بين الإسلاميين باعتبارهم القوى المؤثرة مهما يتطلبه ذلك من تنازل، أو استعادة السلطوية والديكتارتورية زمام الأمور". وخلص إلى أن "الاختيار الأول هو الأفضل لكن إنجازه يحتاج إلى ثورة ثقافية حقيقية". *وكالة الاناضول