لم نكن نعرف، والعظام منا لاتزال طرية، الفرق بين ما تبقى من الفريق الأسطوري "مُغرب طنجة" (بضم الميم)، وبين ما يردده المذيع على مسامعنا كل مساء ويؤكده أساتذة الوطنية: "مغرب الأمجاد والعلا" (بفتح ميم المغرب).. هذا اسم فريق يدغدغ عواطفنا يجيشها حباً وطواعية، نحن أبناء طنجة العالية، وهذا اسم البلد الذي لم نتأكد من وجودنا فوق أراضيه إلا لما رسم لنا، أول مرة، أستاذنا عبد الله الخياطي، في مدرسة الامام مالك بحي الجيراري، خريطة الوطن على السبورة وعمد إلى تمييز طنجة باللون الأزرق إمعاناً في تأكيد مغربية البحرين وذات البحرين... وجرت بنا الأيام، وجرت معها مياه كثيرة في قنوات الصرف العمومي، وقرأنا وكتبنا ومحونا كثير كلام عن (حب الوطن والاعتزاز بالهوية الوطنية والتشبث بالثوابت والمقدسات...) وكنا دائماً حريصين على (الفخر بالتاريخ المجيد) وعلى أتم الاستعداد لتلبية (نداءات الوطن تحقيقاً للتنمية والتقدم والعلا...). ولكن المشكلة التي لازالت تشعل نار فضول المعرفة لدينا، ولم يسعفنا فيها معالي الوزير محمد حصاد (والي طنجة في وقت سابق) إلى يوم الناس هذا، هي: من أين لأسلافنا بهذه (الضمة) الظاهرة المتوجة لميم (المغرب)؟ قرأت جميع المذكرات التي بعث بها السيد الوزير (مول الهمزة على السطر) إلى السادة مدراء الأكاديميات والمدراء الإقليميين (نواب الوزارة بالتقويم القديم) ومدراء المؤسسات التعليمية، ولم أعثر فيها ولو على (سطرٍ) واحدٍ يشرح ويوضح الفرق بين المُغرب والمَغرب. طنّ في رأسي.. أعود إلى كلمات "النشيد الوطني" علها تفي بالغرض. لا شيء، للأسف. كلمات منمقة، أقرأها مجردة وأعيد، ولا أجدها بالقوة التي تجعل الواحد منا يحس بالقشعريرة في جسمه وهو يردد ذات الكلمات وذات النشيد في ملعب الكرة... الحاصل: الدعوة إلى تحية العلم وتلاوة النشيد الوطني في ساحات المدارس غير كافية، وحدها، لبعث الروح الوطنية في نفوس التلاميذ... لا بد من أشاء أخرى كثيرة، حتى لا نخطئ المعنى الحقيقي للوطنية ونسقط في شعار التطبيل والتزمير: وااالموغرب !.. زْداوْ !..زْداوْ ! - نلتقي!