السبت مساء ، عدت من صالة الرياضة لكمال الأجسام، أخذت حماما دافئا، ثم قصدت المطبخ فقمت بإعداد عصير للفواكه، أدخلت قطعة من الخبز في الميكروهوند حتى تقرمشت، فتحتها بسكين، رائحتها الشهية تتسلل داخلي، تثير شهيتي، دهنتها بزبدة وأضفت إليها بعض قطع من لحم المورطديلا. في المساء، ارتديت ملابسي. بنطلون أسود، قميص أبيض فوقه سترة خفيفة، حذاء أسود لامع ثم صففت شعري جيدا، ورششت على رقبتي وتحت إبطي عطرا فرنسيا. في الخارج أشرت بيدي إلى سيارة أجرة كانت قادمة في الطرف الاخر من الشارع، ركبت فيها ثم أقلتني إلى ساحة الأمم. نظرت إلى معصمي كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء، دلفت إلى مقهى الشانزلزيه، طلبت من النادل شايا أخضر. التقطت من طاولة فارغة بجانبي صحيفة، فتحتها، وبدأت أقلب صفحاتها الملونة، وأنا ارتشف قليلا من الشاي، و أقرأ العناوين، وضعتها أمامي، ثم ناديت على النادل ليأتيني بصحف أخرى. أخرجت من جيب سترتي مذكرة صغيرة أحتفظ بها دائما معي، كتبت فيها بعض المشاعر والأحاسيس التي شعرت بها خشية أن تتسلل بعيدا وقبل أن يعكر صفوي شيء اخر فيأخذ مني هذه النشوة ومشاعر الفرحة التي اجتاحتني، فقد كنت رائق المزاج،ثم دخنت بعض السجائر. لقد نجحت الخطة وأنجزت المهمة بشكل لم يترك خلفه أي أثر. خرجت من المقهى، وتوجهت إلى كيوسك، اشتريت جميع الصحف التي تتحدث عن جريمة أمس.. عدت للمنزل باكرا، كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة ليلا. فردت الجرائد فوق الطاولة، سحبت من درج المكتب مقص صغير، قمت بقص بعض الصور والعناوين التي تهمني، لأزين بها الحائط لبعض الوقت بل أن أحرقها، كما اعتدت أن أفعل، فهناك قاعدة ينبغي اتباعها: - لا تترك خلفك أي أثر ولو شعرت بالأمان وأنك بعيد عن الخطر.. "مجهول يطعن شخصية مهمة بسكين ثم يلقيه من نافذة غرفته فيرديه قتيلا" "حالة استنفار قصوى بعد مقتل النائب البرلماني في الفيلا التي يقطن بها" " قتل برلماني داخل منزله وسرقة بعض ممتلكاته" تنفست الصعداء، وشعور رائع يغمرني بعد كل عملية ناجحة أقوم بها. اتصلت ببتزا هوت، وبعد نصف ساعة أحضر لي شخص بيتزا غويال ومشروب غازي. لقد استحققت الاحتفال هذه الليلة بكل جدارة. كل واحد يقوم بعمله في هذا العالم كما هو مسطر في الملكوت، فهناك موظف في إدارة، قاضي، حارس سجن، نساج، حداد، لص، وزير، تاجر مخدرات، شرطي، قاتل مأجور.. وعملي هو مساعدة ملك الموت على إنهاء بعض الأشخاص ومسحهم من الوجود. فتحت النافذة، دلف بعض الهواء المنعش إلى الغرفة. استندت بكوعي على حافة النافذة، أتأمل السيارات والمارة، والأضواء المنعكسة على الرصيف..