شكل موضوع "من أجل إصلاحات شاملة وعميقة لمدونة الأسرة مستجيبة لحقوق الإنسان"، محور ندوة جهوية نظمتها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة-تطوان-الحسيمة، الجمعة، بالدار المتوسطية للمحامي بتطوان، بشراكة مع هيئة المحامين وجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص. ويهدف هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة فعاليات حقوقية وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيين، إلى إغناء النقاش العمومي حول موضوع إصلاح مدونة الأسرة من أجل إعداد أرضية متوافق عليها وتحديد العقبات التي تحول دون تنزيل هذه المدونة على أرض الواقع بشكل سليم. كما تروم هذه الفعالية الجهوية، إلى المساهمة في النقاش الجماعي والحوار البناء وتبادل الأفكار والرؤى، من أجل بلورة جملة من المقترحات الواقعية والتوصيات العملية، المنسجمة مع مبادئ حقوق الإنسان، والضامنة للمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، والمكرسة للمصلحة الفضلى للطفل كما تنص على ذلك فصول الدستور، باعتبار أن المساواة شرط أساسي لتعزيز التنمية الشاملة وبناء مجتمع ديمقراطي تصان فيه كرامة الأفراد. بالمناسبة، أبرزت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الانسان، سلمى الطود، أن مدونة الأسرة الحالية وإن كانت قد جاءت بعدد من المكتسبات منذ تفعيلها قبل حوالي عقدين من الزمان، فقد أصبح من الضروري، بحكم التغيرات التي عرفها المغرب واعتماد دستور 2011، إدخال تغييرات على المدونة لمواكبة تحولات المجتمع. وأضافت سلمى الطود، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مضامين مدونة الأسرة تحتاج إلى تغيير، كما بات من الضروري ملاءمتها أولا مع دستور المملكة ومع الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب، سواء منها المتعلقة بحقوق الطفل أو بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، أو تلك المتعلقة بالقضاء على التمييز بالمرتبط يحقوق المرأة. وشددت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الانسان على أن مدونة الأسرة تحتاج إلى تجويد، وهذا ما أكده صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الخطاب الأخير الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد، الذي دعا فيه جلالته إلى إصلاح المدونة. من جانبها، أبرزت عضو المكتب الجهوي لجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص بجهة طنجةتطوانالحسيمة، أمينة البسطي، أن الندوة تأتي في سياق نقاش مجتمعي عام حول مدونة الأسرة التي انطلق العمل بها سنة 2004، مسجلة أن "18 عاما من العمل والممارسة كفيلة بإظهار بعض مكامن النقص التي تعتري بعض فصول من المدونة". واعتبرت البسطي، أن الوقت قد حان لتعديل مقتضيات من مدونة الأسرة لتتلاءم مع المراجع الدستورية وكذلك المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. واعتبر متدخلون خلال الندوة أن هناك اختلالات ونقائص تطال بعض مقتضيات مدونة الأسرة، منها ذات الصلة بالزواج والطلاق والولاية على الأبناء وحضانة الأطفال والإرث وغيرها من "النصوص التمييزية" التي لا تحقق المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية. كما سلطت العروض الضوء على مظاهر معاناة النساء على أرض الواقع وعدم تمكنهن من التمتع الفعلي بحقوقهن، إضافة الى معاناة الأطفال بسبب وجود ثغرات قانونية تتناقض مع روح ومبادئ الدستور، ومع مقتضيات المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب.