بحكم التجربة المتواضعة التي اكتسبتها بمهنة المتاعب ، يمكن أن أجزم القول أن الانتخابات بمدينة طنجة لها طابع خاص يختلف كثيرا عن الأجواء التي تجري بباقي المدن المغربية، نتيجة عوامل موضوعية وسياسات سابقة للدولة اتجاه هذه المدينة ، حين عملت على محاربة النخب السياسية المحلية ببث التفرقة بينهم واعتماد سياسة "فرق تسود" من خلال تمييع وبلقنة المشهد السياسي بتزكية أشخاص تسلطوا على رقاب ساكنة طنجة طيلة أكثر من ثلاثة عقود ، استعملوا أموال المخدرات في شراء الأصوات والذمم لخدمة أجندات مدروسة كان الغرض منها هو اقتسام وتوزيع الموروث العقاري والمالي والثقافي للمدينة من طرف شخصيات نافذة بالدولة . غير أن التغيير الذي شهده المغرب على مستوى هرم الدولة بتولي محمد السادس الملك ساهم بصورة ايجابية في استرجاع مدينة طنجة لمجدها الريادي في العديد من المجالات الحيوية من خلال مشاريع كبرى بوأت المدينة لكي تصبح ثاني أكبر قطب اقتصادي بالمغرب بعد مدينة الدارالبيضاء ، لكن دون إرفاق ذلك بأي تغيير يذكر على المستوى السياسي، سوى إدخال بعض" الرتوشات " لتسويق ذلك إعلاميا.
فواقع الحال يفند هذا التغيير من خلال تواطؤ الهيآت السياسية على هذه المدينة بتزكية أسماء تورطت في وقت سابق بإفساد العمليات الانتخابية وبالتالي تكريس نفس الوجود لتمثيل المدينة بالمؤسسة التشريعية، وذلك في حياد تام وسلبي للوزارة الوصية، رغم النداءات المتكررة لعاهل البلاد التي تحث على تخليق الحياة السياسية وتجديد نخب بالبلاد.
فالاعتقاد السائد أن المشاركة المكثفة للناخبين يمكن أن تحدث بعض التغيير على مستوى النتائج المرتقبة ، وبالتالي حدوث بعض المفاجئات بشرط التزام السلطات بتطبيق القانون في محاربة الفساد الانتخابي الذي اشتهرت به مدينة طنجة طيلة التجارب الانتخابية السابقة .