دخل فريق الاتحاد الرياضي لطنجة ( فرع كرة القدم ) نفقا مظلما إثر سلسلة من الإخفاقات المدوية ، بعد أن بصم على مشاركة متميزة ، طيلة مراحل الموسم الماضي ، و مستهل الموسم الحالي من الدوري ” الاحترافي ” المغربي ، ليبدأ خط العودة إلى الوراء بصورة مقلقة و مستفزة ، بالنسبة للمتتبعين للشأن الرياضي المحلي و الوطني . و إذا كان من الطبيعي و المعتاد في مختلف البطولات الدولية ، أن يمر نادي كروي مهما علا شأنه ، من مرحلة الفراغ و العجز عن مواصلة أطوار المنافسة الرياضية ، لأسباب مبررة ، إلا أن أزمة نتائج فارس البوغاز هي نتيجة حتمية لسياسة تسيير إداري هاوي موغل في العشوائية و الارتجال . ندرك أن فريق الاتحاد حديث العهد بقسم الأضواء ، و أننا لا ننتظر منه المعجزات و حصد الألقاب الوطنية و القارية لأول وهلة ، و لكننا في حاجة ماسة إلى مساهمة فنية مشرفة ، و تدبير إداري محترف و محكم ، خاصة و أن النادي الكروي يمثل تطلعات و آمال مدينة استثنائية ، و جماهير رياضية غير مسبوقة وطنيا و ربما عالميا . و في اللحظة التي كنا ننتظر قرارات عقلانية حاسمة تعيد قطار النادي إلى سكة الأداء الرياضي المتوازن ، و مصالحة الجماهير الغفيرة ، التي طالما عبرت عن مساندتها الجارفة لناديها الأزرق داخل القواعد و خارجها ، فوجئ الرأي العام ببلاغ يقضي بفسخ عقد الإطار الفني عبد الحق بنشيخة ، في لحظة مفصلية من الدوري الوطني ، دون أن يكون هناك أي داع أو سبب مباشر لهذه الإقالة بالغة الغرابة في عالم كرة القدم المغربية و الأجنبية . صحيح لقد تم إقصاء نادي الاتحاد من مسابقة الكاف ، و بشكل عاكس أفق انتظار المساندين و المناصرين للنادي داخل و خارج الوطن ، غير أن الإخفاق الإفريقي لا يمكن أن نتخذه مبررا لاتخاذ قرار إزاحة المدرب الكفء ، إذ لا أحد من المتتبعين للشأن الرياضي كان ينتظر أكثر مما أنجزه النادي في أول مشاركة قارية له ، بل يمكن القول دون مبالغة إن نقطة التحول المفجعة كانت الإقصاد المر من نصف نهاية كأس العرش على يد فريق من القسم الوطني الثاني ، و أمام حوالي خمسين ألفا من المشجعين ! و إذا كانت الهزيمة جزءا لا يتجزأ من المنافسات الرياضية ، فإن عجز النادي عن تدارك معالم الأزمة لتصحيح الأخطاء ، و تجاوزها نحو الأفضل هو الإشكال الجوهري ، و هنا بالضبط ظهر تخبط المكتب المسير لنادي اتحاد طنجة لكرة القدم ، و عدم قدرته على إيجاد البدائل و الخطط الكفيلة بوضع حد لغرق سفينة الفريق ، و فضّل حلّ الهروب إلى الأمام ، و المتمثلَ عادة في إقالة المدربين ! و بناء على ما سبق ، يمكن القول إن ما يعيشه نادي الاتحاد من نتائج فنية غير مرضية ، و المتعارضة مع طموحات الساكنة الطنجوية الطموحة إلى الإنجازات الرياضية المحترمة ، هو نتيجة حتمية لتدبير إداري غير مسؤول ، و غير مدرك للسياق التاريخي المشجع لمدينة طنجة ، التي تستعد عبر إقلاع تنموي شامل للحاق بالمدن المتوسطية الفاعلة . و على هذا الأساس يُفترض أن يُعاد النظر الجذري في عمل المكتب المسير للنادي ، و إعفاءِ كل عضو ليس له علاقة بالوعي الرياضي الجاد ، و العمل على إنجاز مخطط استراتيجي حاسم ، يهدف بالدرجة الأولى إلى بناء فريق كروي منافس وطنيا و قاريا ، و لن يتحقق ذلك إلا بالبرمجة العلمية الهادئة ، و احترام مجالات التأطير الفني و الإداري و الصحي .. و الانكباب على تكوين لاعبين محليين شباب ، و الإقدام على الانتدابات الناجحة ، أي لاعبين أكفاء يجمعون بين صغر السن و الأداء المتميز ، و إطار فني وازن يشتغل بأريحية و ضمن أهداف متوسطة و بعيدة الأمد ، أما النتائج و الألقاب الوطنية و القارية فما هي إلا نتيجة لعمل جاد و مضني ، و سنوات من الاشتغال المتبصر و الاجتهاد اللامحدود و التنافس الشريف !