لم تكد تجف دماء شاب يدعى "ش"، كان يبلغ من العمر 25 عاما، والذي لقي مصرعه طعنا بالسكين يوم الجمعة 20 يناير الجاري، حتى إهتز الشارع العرائشي من جديد على وقع جريمة قتل بشعة، راح ضحيتها رجل ستيني عُثر عليه مقتولا بمنزله الكائن بحي رقّادة . وكانت مختلف تلاوين المصالح الأمنية والطبية قد إنتقلت بداية الاسبوع إلى منزل المغدور، ويدعى "ع" في الستينيات من عمره، حيث وجدته العناصر الأمنية غارقا في دمائه، مذبوحا من الوريد إلى الوريد، وبجسده عشرات الطعنات، إستعملت فيها آلة حادة . ولا تفرق الجريمة الجديدة وهي الثالثة من نوعها، سوى بثلاثة أيام عن الجريمة الثانية التي وقعت بالجيش الملكي، وبشهر تقريبا عن الجريمة الأولى التي وقعت بمنقطة خميس الساحل التابعة لإقليمالعرائش. وخلفت هذه الجرائم الثلاث خوفا كبيرا في نفوس المواطنين، وجعلتها حديث العام والخاص بالشارع المحلي . وعن الأسباب التي أدت إلى هذه الجرائم البشعة، قالت بعض المصادر، إن جريمتي الساحل وشارع الجيش الملكي، وقعتا بسبب خلاف حول الفتيات، وعلاقات غرامية رضائية لم تنل إعجاب بعض الأطراف، فيما الجريمة الحديثة، تظل مجهولة الدوافع، رغم أن رقّادة معروفة بكونها مكانا لتجمع حمّالي المخدرات، ومعبرا لمهربي الحشيش . وتعليقا على هذه المآسي المتوالية التي تحدث في إقليمالعرائش، أرجع الناشط الحقوقي أحمد برعوان أسباب ذلك إلى انهيار القيم المجتمعية، وتوقف مظاهر التنشئة الإجتماعية لدى الأجيال الصاعدة . وعدّد الرئيس الإقليمي للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، أسبابا أخرى من قبيل الفقر وغياب الفضاءات التي تخدم الشباب، " ما يدفع هؤلاء إلى الإنزياح والذهاب في إتجاهات تفقد العقل، تحفز على تناول المخدرات والموبقات، ليتحول الشاب على إثرها إلى شخص مغاير وينتقم من ذاته أولا، ثم يدخل عالم الجريمة من بابه الواسع." وتأسف ذات المتحدث في تصريح أدلى به للجريدة الإلكترونية طنجة24، مما أسماه غياب الضبط الإجتماعي " لأن المجتمع تخلى بدوره عن مسؤوليته في تأطير أفراده، ما يدفع بالأقل حظا بالانحراف والحسم في الأمور بطريقة عنيفة وخطيرة جدا." وحذر برعوان من أن إستمرار هذه المظاهر، سيهدد لا محالة كينونة المجتمع، والسلم الإجتماعي برمته. الناشط الحقوقي لم ينس كذلك تحميل المسؤولية للدولة المغربية فيما يجري، وكذا المجتمع المدني والإعلام والمؤسسة الدينية. داعيا إلى إرجاع القيم الأصيلة للدين الإسلامي إلى المجتمع .ونبّه برعوان من أن تمازج الفراغ الروحي مع الهشاشة، وكذا أحزمة الفقر التي تنتشر بشكل رهيب وتحيط بالعرائش، تؤثر بشكل أو بآخر على طريقة تفكير الشباب، و" كل هذه الضغوط المجتمعية، حينما يرفضها الفرد يصبح منحرفا في تفكيره وعدوانيا في سلوكه، ودعا إلى تنزيل مقاربة إجتماعية وثقافية، لتدارك الخطر المحذق " .