صفاء بنور من الرباط: مرت مائة يوم على تنصيب الحكومة، وكما جرت العادة، فقد حان الوقت لوضع حصيلة أولية لما حققه الفريق الحكومي الجديد برئاسة عزيز أخنوش، والذي وضع نصب أعينه إحداث تحول اجتماعي واقتصادي يرقى إلى انتظارات المغاربة. وشكل تعميم الحماية الاجتماعية، والنهوض بالتشغيل، وتقليص الفوارق، وتحسين مناخ الأعمال، وكذا التخفيف من حدة تأثيرات أزمة الجائحة والأزمة الاقتصادية، وغيرها، ملفات ساخنة على طاولة الحكومة الجديدة منذ تنصيبها. وهكذا، تعكف الحكومة على تنزيل الوعود التي قدمتها والوفاء بالتزاماتها، بما يتماشى مع توصيات التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد، وكذا مع برنامجها الذي أعلنت عن مضامينه أمام البرلمان بغرفتيه، طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 88 من الدستور. الحماية الاجتماعية.. أولوية قصوى ! يمثل الورش الملكي الخاص بتعميم الحماية الاجتماعية أحد المشاريع الأساسية التي تشتغل عليها الحكومة وتمنحها كل التزامها بهدف تنزيله في الآجال المسطرة. وفي هذا الصدد، تعمل الحكومة، منذ تنصيبها، على استكمال المنظومة القانونية لهذا الورش المهم، بهدف توسيع نطاق الساكنة التي ستشملها مختلف أشكال الحماية الاجتماعية في المغرب. وقد صادق مجلس الحكومة على أربعة مشاريع مراسيم جديدة تتيح تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل فئات مهمة من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء. وستضمن هذه الإجراءات الجديدة التأمين الصحي وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم، على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم. وفي الحصيلة العامة، ستكون الحكومة قد فتحت باب التأمين والمعاش أمام ما يقرب من 11 مليون مغربي ومغربية وذوي الحقوق المرتبطين بهم، بالخدمات وسلة العلاجات نفسها التي يستفيد منها أجراء القطاع الخاص وموظفو القطاع العام. التشغيل.. رؤية متبصرة تحتل مسألة التشغيل، الشائكة هي الأخرى، حيزا محوريا ضمن خطط عمل الحكومة التي وضعت بشأنها خارطة طريقة واضحة وطموحة. وهكذا، تتوقع الحكومة خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2026، حسب الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين، إحداث ما لا يقل عن 250 ألف فرصة شغل مباشرة من خلال برنامج أوراش عامة كبرى وصغرى. ويتوخى البرنامج الحكومي أيضا إطلاق برنامج لدعم المبادرات الفردية وتمويل المشاريع الصغرى، مع منح نفس جديد لبرنامج "انطلاقة" وضمان استمراريته. وعلاوة على ذلك، أطلقت الحكومة، في إطار النموذج التنموي الجديد، برنامجين هامين في مجال الشغل وإحداث المقاولات، يتوخيان بشكل خاص، التصدي للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة (كوفيد-19) من خلال خلق فرص الشغل لفائدة آلاف المواطنين. ويتعلق الأمر ببرنامج "أوراش"، الذي خصص له مبلغ 2,25 مليار درهم لخلق نشاط مهني في إطار عقود مؤقتة، خلال سنتي 2022 و2023، لفائدة 250 ألف شخص، و"فرصة" الذي خ صصت له ميزانية بقيمة 1,25 مليار درهم، بهدف إحداث ومواكبة 12 ألف مقاولة على مدى خمس سنوات. وفي هذا الإطار، عقدت الحكومة، التي تحرص على النهوض بمناخ الأعمال وبدينامية التشغيل على حد سواء، أربعة اجتماعات حتى الآن للجنة الوطنية للاستثمارات. وقد تمت خلال هذه الاجتماعات المصادقة على 31 مشروع اتفاقية وملاحق، بقيمة إجمالية تفوق 22,5 مليار درهم، مع خلق حوالي 11 ألفا و300 منصب شغل مباشر وغير مباشر. وجدير بالذكر أن الاجتماع الأول للجنة الاستثمارات، برسم الولاية الحكومية الحالية، انعقد خلال فترة وجيزة بغية إعطاء دفعة قوية للاستثمار. كما تم تكثيف وتيرة اجتماعات هذه اللجنة قصد تسريع عملية المصادقة على الاتفاقيات والاستجابة بشكل أفضل لانتظارات المستثمرين المغاربة والأجانب، وكذا الدفع بدينامية توفير فرص الشغل. مواصلة زخم الإصلاحات يندرج إصلاح الإدارة والنظام الجبائي أيضا ضمن التزامات الحكومة الحالية. ففي ما يتعلق بالإدارة، وفي إطار تنزيل القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، تم جرد ودراسة 3832 مسطرة إدارية تدخل ضمن اختصاص الإدارات العمومية، 2700 منها منشورة على موقع "إدارتي.ما"، و800 مسطرة تم حذفها لعدم توفرها على سند قانوني. وفي ما يخص النظام الجبائي، تحرص الحكومة أيضا على التنزيل الأمثل لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي بشكل تدريجي يأخذ بعين الاعتبار التدابير ذات الأولوية، والتي سيتم تنزيلها داخل أجل خمس سنوات، وذلك بالنظر إلى الدور الذي يضطلع به الإصلاح الجبائي في تحفيز الاستثمارات ومواكبة أوراش الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. من جهته، يقدم قانون المالية لسنة 2022، بعد سلسلة من المناقشات والتعديلات، ترسانة من التدابير الجبائية التي من شأنها أن تشكل الانطلاقة لتنزيل التوجهات والأهداف المنصوص عليها في هذا القانون الإطار، وذلك انسجاما مع مبدأ التدرج. إن هذه الإجراءات وغيرها ستطبع مسار الولاية الحكومية الحالية، قصد رفع المزيد من التحديات والعمل على تنزيل التوصيات التي تمت صياغتها في إطار النموذج التنموي الجديد، وذلك في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية.