كاريكاتور: عبد الغني الدهدوه حالة من الصمت والهدوء المطبق.. تلك التي تعيشها مدينة طنجة في الخمس سنوات التي تعقب انتهاء الحملات الإنتخابية وعمليات الفرز وحسب الأصوات، فما إن تعلن النتيجة ويعرف إسم الفائز من الخاسر، حتى تنتهي الليالي الملاح وتخرس الشعارات الرنانة ويعود كل من المرشحين والناخبين إلى منازلهم، إلا أن الفرق الوحيد بينهم هو أن الفئة الأولى تعود بلقب جديد وإمتيازات لا تحصى، والفئة الثانية ترجع إلى عالم الواقع بعد أن غرقت في الأحلام التي بناها الساعون وراء المنصب. فعلى الرغم من أن المهمة الأساسية للبرلماني هي إيصال صوت سكان الدائرة الإنتخابية التي صوتت عليه ومنحته ثقتها، من خلال التواصل معهم وإستقبال شكاويهم وإنتظاراتهم، إلا أن هذا الأمر نجده غائبا بشكل تام في المغرب بصفة عامة ومدينة طنجة بصفة خاصة، الأمر الذي افقد معه الإنتخابات معناها وجدواها ودفع المواطنين إلى الشك والطعن في العملية بأكملها. ومن بين أعراف وأخلاقيات التمثيل البرلماني، تخصيص جزء من التعويض الذي يمنح لهذا الأخير في إنشاء مكاتب صغيرة في الدائرة الانتخابية التابع لها، من أجل تلقي شكايات المواطنين والإلتقاء بهم مرة كل أسبوع على أقل تقدير، بغية إيصالها إلى قبة البرلمان سواء عن طريق الأسئلة الشفوية أو الكتابية التي تقدم للوزراء والمسؤولين، سواء من موقع في صفوف الأغلبية الحكومية أو المعارضة. وفي هذا السياق، يسجل عادل حداد رئيس مؤسسة طنجة الكبرى للشباب والديمقراطية، أن اختفاء المنتخبين عن الأنظار وتولية ظهورهم للساكنة في تنكر للبرامج و الشعارات التي رفعهوها خلال الحملات الإنتخابية، أصبح من الظواهر المزعجة، التي يجب القطع معها بشكل نهائي. وأضاف حداد في تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن على البرلمانيين بمدينة طنجة بصفة خاصة والمملكة على وجه العموم، الالتزام بالحد الأدنى للأخلاق السياسية ومواصلة التفاعل مع قضايا الساكنة طيلة السنوات النيابية بالبرلمان، عبر فتح مكاتب لهم غير المقرات لتكون ملاذا للمواطنين الذين يودون ايصال صوتهم الى قبة البرلمان، وهو ما من شأنه تعزيز الثقة بين المواطن والعمل السياسي. وأكد حداد بهذا الخصوص، أن العمل السياسي تأذى كثيرا بهذه الممارسات اللا أخلاقية، الأمر الذي يجعلنا أمام هذا الحل الواقعي الذي من شأنه مصالحة المواطن بشكل عام والشباب بشكل خاص مع صناديق الاقتراع، مما يخول لهم تتبع العمل النيابي لمنتخبيهم طالما أنه يرون طائلا من ذلك و نتيجة ملموسة على أرض الواقع. ومن جهته، يرى محمد كريم مبروك، الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة طنجة، في تصريح مماثل، أن إحداث مكاتب لتلقي شكاوي المواطنين هو الامر طبيعي و السلوك المطلوب في الديموقراطيات والتمثيليات النيابية، لأن صوت الناخب لا يمكن أن يصل فقط عبر تصويته يوم الإقتراع لكنه يتعدى لسماع مطالبه بخصوص قضايا وطنية او قطاعية بخصوص مدينته. وأضاف مبروك، أن المنتخب يستمد مصداقيته من خلال تواصله مع هيئته الناخبة أو الساكنة، وهذا يتجلى من خلال إحداث مكتب قار ومعروف، يتضمن فريق عمل متعدد التخصصات قصد استقبال و تحليل المعطيات الواردة على المكتب. وفي هذا السياق أكد الناشط الحقوقي، أن هذه الخطوات سبق لبعض المنتخبين تطبيقها على أرض الواقع سواء بمدينة طنجة أو خارجها، وهو ما أعطى نتائج جد هامة وفعالة أعتبرت أنذاك تجارب رائدة من نوعها، إلا أنها مجرد حالات إستثنائية ومعزولة عبرت عن مواقف افراد بعينهم. وأسفرت نتائج الإنتخابات البرلمانية بدائرة طنجةأصيلة، عن فوز خمس مرشحين ينتمون لثلاث أحزاب سياسية مختلفة، سبق لهم كلهم الوصول إلى قبة البرلمان في السنوات الماضية، إلا أنهم لم يقوموا بأي من الخطوات التواصلية المتمثلة في إحداث مكاتب أو تخصيص أيام للإلتقاء بالسكان، مما تسبب في طرح العديد من علامات الإستفهام لدى المواطنين، بخصوص بقاء الحال على ما هو عليه، أو تغييره للأفضل خلال السنوات المقبلة.