أنا ساقط، إذن أنا موجود على أرض مسقطي.. هنا، والآن، طنجة.. وهناك، وغداً، أنا في مستودع الله.. من أكون حتى أكون؟ الخبر اليقين في سجل الأحياء، والحياة كفاح.. وتفاح، يا بني آدم..دوري بنا يا دنيا.. ودوري يا دائرة حتى يقف العقرب عند الرقم الموعود. *** أمام المقهى العائم في دخان السجائر، الغاص بعاثري الحظ وقليلي الفائدة، كان يمشي متأبطا ورقة أولاد الكلب. والخلق منخطف ومشدود إلى الأرقام الملعوبة. عندما وصل به الخطو قبالة باب "الليسي" سقطت منه الورقة (سهواً)، فتلقفتها عين المرأة الأربعينية التي كانت تمشى بتثاقل، هناك جنب الحائط، احترازاً من سقوط مفاجئ، ومطر الخريف يسقط خفيفاً. يا ولد !يا ولد ! هذه ورقتك، سقطت من تحت ذراعك، وذراعك، ما شاء الله، غير مسقوط.. ابتسامة عريضة، وتشكرات، ودعوات بالرحمة للوالدين. انحنى الولد ذي السروال هابط القد ينقذ ورقته من بلل التساقطات التي تجري بما لا تشتهي كلاب السباق. وتستمر المحادثة بين الأربعينية والعشريني: أسئلة فضفاضة وجريئة من طرف المرأة، وأجوبة مقتضبة ومحتشمة من جانب الشاب الوديع. *** ثعلب زفزاف الذي يختفي بداخلي يقول لي: ما تسالني حلوف، سقط في المصيدة. وأجيبه فيما يشبه الدفاع: لعلها أستاذة أو أم أو أخت أو فاعلة اجتماعية تحاول تجنيب الولد سقطة مدوية في أحضان القمار والمقامرين. ثم إن سقوط رجل في حضن امرأة، بالتراضي، كسقوط النجم في حضن البحر.. والنجم يهوي، للتذكير. *** تلومه، وتتشدد في لومها: أنت شاب وسيم، في مقتبل العمر، والمستقبل أمامك يخضر ويزهر، فلماذا تسقط في الوحل باختيارك..؟ بعد انصات بصبر طويل، تمكن من افتضاض شرنقة الكلام وقال مسترسلاً: سقطت في الامتحان/ خطة الحكومة في التشغيل سقطت/ في حضن الغير سقطت الحبيبة وسقطت من عيني الحقيرة لسوء ما فعلت/ لم يسقط الاستعمار بما يكفي/ البناية المعلومة آيلة للسقوط/ وسقطت الدعوى ولم تسقط القضية/ولم أسقط على ضالتي/ وسقط القناع وأوراق الشجر ولم يسقط المطر في موعده/ وسقط العَشاء بي على سِرحان...وهلم سقوطاً. *** جرى هذا على عين ابن بنت المرحومة الغرافية، وحرر بتاريخه وبعين المكان، وقبل الانصراف قلنا في نفس الآن: - نلتقي!