- السعيد قدري (صور زكرياء العشيري) يعيش "الياس ماجدولين" المزداد سنة 1987 بحي المصلى بطنجة، و"حنان كنفاوي" ابنة حي بني مكادة ، الى جانب ثلاثة أطفال أصغرهم لا يتعدى سنه أربع سنوات، أوضاعا معيشية مزرية داخل كوخ عبارة عن قبر بكنيسة ايبيريا طنجة منذ أشهر. "الياس" الذي عانى منذ الطفولة حالة تشرد بسبب مشاكل أسرية لم يرد الإفصاح عنها ، تخلت عنه أسرته وعائلته وتوجه للشارع مباشرة ليصطدم بواقع مر اكسبه رفقاء السوء فقط قبل أن يصبح مدمنا على أنواع عديدة من المخدرات- كما يقول في حديثه لجريدة طنجة 24- ولم يذق خلالها سوى معاناة والآلام ما تزال آثارها الى اليوم بأنحاء جسمه . "الياس" الذي وجدناه يجمع أغراض مقر سكناه بداخل الكنيسة بعدما رحلت السيدة التي تقطن معه والتي يعتبرها زوجته خصوصا بعد أن أنجب معها طفلا ، كشف لنا بكثير من الآلام أنه يقيم رفقة عائلته بهذا المسكن منذ أربعة اشهر ، يحاول خلالها قدر المستطاع توفير قوت يومه من خلال بيع المناديل الورقية بالشارع ، الى جانب صدقات بعض المحسنين الذين يزورونه بين الفينة والأخرى. ويمضي "إلياس" في تصريحه للجريدة قائلا " لا اعلم كيف وصلت لهذا المكان ، غير أنني لم أجد ملجأ ولا قوت يومي يساعدني على العيش في مكان آخر أكثر أمنا وأمانا ، نعاني حالة تشرد منذ أشهر، طرقنا جميع الأبواب ولا من مجيب ، حاولت بطريقتي الخاصة أن انتشل نفسي من براثن الإدمان وبعد زيارتي لطبيب مختص أكد لي أنني أسير في الطريق الصحيح وأنني بمقدوري معالجة نفسي ، الأمر ذاته بالنسبة لحنان زوجتي ، والتي تاخد هي الأخرى جرعات الميتاضول". "الياس" اختار في الوهلة الأولى الإقامة داخل أماكن عديدة بطنجة،لكنه لم يستطع مقاومة متشردين آخرين الى جانب عدد من المهاجرين الأفارقة ، ناهيك عن رجال سلطة أقدموا غير ما مرة على طرده هو وأسرته ، قبل أن يقرر الاستقرار في هذا المكان بعدما منحه احد القائمين على الكنيسة الفرصة . في الكوخ الذي يشبه القبر،لا يتوفر "الياس" على أي شيء فيه ، حيث يعمل على جلب المياه من بعض الأماكن . "إلياس" لا يستعين بالشمع إنارة "القبر" الذي يفترش فيه أغطية بالية تقيه هو وأبناءه حر الشمس ، فيما بعض الألبسة الخاصة بأطفاله يتكفل بتدبير أمورها الى جانب مساعدة عدد من المحسنين. ويؤكد "الياس"، انه لا يطالب بأي شئ ، سوى بان يمنح له بيت أو مكان لكي يأوي إليه رفقة حنان وثلاثة من أطفاله ، موضحا انه يعاني مشاكل صحية منذ مدة، ونداءه يقتصر في توفير الأمن والأمان لهذه الأسرة وخصوصا الأطفال ". "حنان الكنفاوي" التي تعيش معاناة حقيقية هي الأخرى ، لا يوحي وجهها البائس والمهموم أنها في العقد الثالث بل عجوز في الغابرين بسبب حالة البؤس والفقر المدقع، تتحدث إلينا قليلا ، وتتوقف بعد أن تنهمر عيونها بالدموع والبكاء. بمجرد ما بدأت تسرد لنا قصة "البؤساء الحديثة" بتفاصيل أكثر تأثيرا من كلمات الروائي الفرنسي فيكتور هيجو، حيث لم تجد الكلمات لتعبر عما تعيشه وأصيبت بالصدمة من واقعها. تقول حنان " عشت حياة صعبة ، أسرتي تخلت عني ، تعرضت للاغتصاب أكثر من مرة ، تزوجت وأنا في سن مبكرة ، أنجبت طفلا وطفلة في عمرها سبع سنوات ، سقطت في فخ الإدمان بدون ان اشعر ، السبب كان زوجي السابق والذي شردني وشرد هؤلاء الأطفال ، قبل أن التقي الياس الذي لم يتخلى عني منذ أشهر". "حاولت إيجاد حل مع أسرتي ومع زوجي السابق غير أنني لم أتمكن ، سدت في وجهي كل سبل النجاح ، نحن الآن نعيش في هذا المكان بعدما طردنا لأكثر من مرة من أماكن أخرى بالمدينة ، لا يهمني سوى مستقبل هؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم". تتعلق حنان ببصيص أمل، وبأطفالها وبالياس الذي تعتبره زوجا لها ومنقذا لها في الوقت ذاته ، فقدت الأمل في الحياة، بعد الإدمان تمسك بخيوط العلاج عبر دواء الميتاضول والجرعات التي تتلقاها كل يوم " أملي في أن يتم إنقاذ هؤلاء الأطفال ، أما أنا ضاعت حياتي زلا أريد سوى أطفالي أن يعيشوا في كرامة بعيدا عن شبح الشارع الذي لا يرحم ".