يصر سكان مدينة طنجة، على التمسك بطقوسهم الرمضانية الخاصة، حتى آخر يوم من الشهر الفضيل، فمباشرة بعد وجبة الإفطار وما يتبعها من صلاتي العشاء والتراويح، ظلت العديد من شواطئ "عروس البوغاز"، تتحول إلى وجهة مفضلة لكثير من العائلات. وتبقى "مرقالة"الفضاء الوحيد الذي راح يسكن مخيلة كثير من الناس ممن اكتشفوا سحر وجمال الواجهة البحرية الممتدة على قرابة كيلومتر واحد شرق ميناء طنجةالمدينة، حتى أن بعض العائلات تفضل تناول سحورها على الشاطئ. البحر .. "فاكهة رمضان" تبدو مختلف العربات بمدينة طنجة، عند الساعة التاسعة والنصف ليلا، كما لو أنها في سباق للخروج من المدينة التي لم تعد كما كانت، طالما أن الدخول إليها والبقاء بها خلال ليالي شهر رمضان ، بات مثيرا للأعصاب من فرط الازدحام، ولاسيما بعد أن أصبح توقف عدد من السيارات بشكل غير قانوني يمتد على مساحات وفضاءات هامة من المدينة، قلص بالتالي من هامش تجوال المواطنين ونشاط التجار. راحت نسمات البحر تضفي رونقا بمنطقة "مرقالة" وب"سيدي قنقوش" وبعدد من الشواطئ الأخرى، مرقالة الأكثر انتعاشا خلال رمضان و أكثر إغراء، لكونها مكان يشد إليه عشرات العائلات الطنجاوية بحبائل سرية سحرية، كما لو أن البحر هو فاكهة رمضان. في غمرة ذلك، يكتظ شارع الحرية والمكسيك ومنطقة مالاباطا بزواره والمترددين عليها، بعد أن فتحت به مطاعم ومحلات بيع المثلجات، قبل ان تتدفق الحشود البشرية من عائلات وشباب تباعا على الممرات والطرقات الصغيرة المؤدية إلى شاطئ المدينة وبعد الألياف البحرية الممتعة بمنطقة مالاباطا ، لتصل عملية الذهاب والإياب إلى ذروتها عبر الشارع الرئيسي المشكل للواجهة البحرية للمدينة. مرقالة التي جمعت عدد من الأسر في فطور رمضاني هام ، التفت حول جماليتها عدد من الأسر التي صادفناها بعد المكان ، الكثير منهم أدركوا أنها فضاء متميز يكسر روتين البيت في شهر رمضان وفي غير رمضان خصوصا في فصل الصيف، عدد منهم اعتبر المنطقة محمية يجب الحفاظ على مميزاتها وإضافة نكهة جمالية لها في القادم من الأيام . متعة تمتد حتى الفجر رواد عدد من الواجهات البحرية بمدينة طنجة ،لا يملون من المشي ،وربما استهوتهم الأجواء المنعشة والمنظر الرائع للبحر، خاصة أنها واجهات ممتدة على أزيد من 5 كيلومترات، تتراءى لك عبرها عاصمة البوغاز ، لوحة مفروشة على شاطئ البحر، في حدود الساعة منتصف الليل و30 دقيقة غالبا ما يكون شاطئ طنجة وضواحيها غاصا بالعائلات، بينهم عدد من الأطفال ممن يسبحون على وقع الأضواء الخافتة المنبعثة من الشارع الرئيسي. وعلى بعد أمتار عن الشاطئ، شبان اخرون يجتهدون لتحضير ما ألزم من حلويات وعصائر وحليب لاستقبال وجبة السحور التي فضلوا تناولها بين الحين والأخر بالشواطئ خصوصا في يومي السبت والأحد ، ولعل متعة الأجواء هي السبب ، لأن بعضا من أبناء المدينة يقولون إن تناول السحور على الشاطئ تحول إلى عادة عند بعض العائلات، ومع ذلك يمكن القول إنها شواطئ بحاجة إلى تنظيم من جانب توفير بعض الخدمات وإقامة السهرات حتى تأخذ هذه الشواطئ حقوقها كاملة. ليلة ممتعة حشود من العائلات الطنجاوية تختار ومنذ زمن بعيد الارتماء بين أحضان عدد من شواطئ طنجة، في الوقت الذي اختار فيه آخرون بعد المناطق الأخرى بينها غابة الرميلات ومقاهيها الشهيرة ، الجميع يمني النفس بقضاء أوقات عائلية ممتعة، تجمع بين النقاش والموسيقى وتبادل الآراء والمعلومات وهي الخصوصيات التي تمتاز بها مدينة طنجة في كل رمضان، وغالبا من تنتهي هذه الجلسات الرمضانية بأطباق شهية يتم إعدادها لمثل هذه الليالي، وتتكون أساسا من الكسكس والطاجين بالسمك الى جانب فواكه اخرى تزين هذه الليالي التي اختار محبوها قضاءها قريبا من أمواج البحر ونسماته الليلية .