استقطبت طنجة في فترة النظام الدولي عددا مهما من الروائيين من مختلف مناطق العالم، وقد أنتج هذا الاستقطاب عددا من الروايات التي نُشرت في ذات الفترة أو بعدها بوقت قصير، متضمنة بين فصولها طنجة كأحد الاماكن البارزة لأحداث تلك الروايات. وبعد مرور سنوات طويلة على انقضاء العهد الدولي لطنجة، بدا ان كل شيء يسير إلى النسيان، وأن فترة طنجة الدولية وزمنها الجميل يبقى رهينا بما صدر من روايات خلال تلك الفترة وببعض الكتب التاريخية التي تتحدث عنها. هذا الاعتقاد يبدو أنه بدأ في الانهيار بعدما استيقظت نوستالجيا الزمن الجميل لطنجة الدولية في ذاكرة عدد من الروائيين العالميين الحاليين الذين مستهم طنجة بشيء من ماضيها الدولي فأبى إلا أن يظهر هذا المس في روايات جديدة تعود إلى طنجة وفترة دوليتها. هؤلاء الروائيون الجدد هم أولئك الاطفال الذي عاشوا أخر مراحل طنجة الدولية قبل أن يرحلوا إلى بلدان أبائهم الاصلية وهم يحملون ذكرياتهم الطفولية، حتى حان الوقت الان لإعادة صياغة تلك الذكريات في قوالب روائية تبرز فيها "طنجة الدولية" كتيمة رئيسية في العمل. ماريا دوينياس روائية اسبانية لاقت روايتها "الوقت بين ثنايا الغرز" نجاحا باهرا عند اصدارها في 2014، وقد أدى نجاحها إلى اقدام قناة اسبانية على تحويل الرواية إلى مسلسل بدوره حقق نسب متابعة كبيرة، وهي رواية تحضر فيها طنجة الدولية كأحد اماكن المهمة في الرواية. روائي وكاتب اسباني اخر يدعى إنياكي مارتينيز أصدر هذه السنة رواية تحمل عنوان "مدينة الكذب" وتدور احداثها في مدينة طنجة خلال الفترة الدولية، وقد حصل على جائزة أدبية مهمة باسبانيا بخصوص هذه الرواية التي تعود بالقارئ إلى الفترة الدولية لطنجة أيام شيوع اعمال الجاسوسية والتهريب بالمدينة. ليبولدو ثيبايوس روائي وكاتب اسباني من مواليد طنجة، أصدر مؤخرا رواية تحمل عنوان "طنجة، طنجة"، وهي بدورها رواية تعود أحداثها إلى فترة طنجة الدولية كما عايشها ثيبايوس مروية حول أسرة اسبانية عريقة عاشت في طنجة إلى غاية انقضاء العهد الدولي للمدينة. وكان قبل الروائيين الاخيرين، قد أصدر السنة الماضية مويس بنعروش الروائي اليهودي المغربي الذي يعيش في اسرائيل، رواية جديدة بالاسبانية ترجمت إلى 6 لغات ومن بينها العربية التي حملت عنوان "على أبواب طنجة" حيث تحضر فيها ذكريات طنجة الدولية ضمن الاماكن البارزة في الرواية. وهذه فقط بعض الامثلة التي سطعت في السنوات الاخيرة في عالم الرواية العالمية، والتي تبدو فيها تيمة "طنجة الدولية" من أبرز ما تحضر فيها، معلنة بذلك استمرار حضور طنجة الدولية بكل حمولتها التاريخية والثقافية في الادب العالمي رغم مرور سنوات طويلة على انقضاء تلك الفترة.