شوارع شبه فارغة مع ساعات الصباح الأولى من اليوم الأحد، لا شيء يوحي بأن هناك استعدادات لتخليد العيد الأممي للطبقة العاملة، ما عدا انتشار لعناصر أمنية على طول شارع "محمد الخامس"، الذي بات من المعتاد أن يكون مسرحا لمرور مسيرات "فاتح ماي " في كل سنة. عقارب الساعة تدنو من التاسعة صباحا، تمر سيارة أجرة كبيرة في اتجاه ساحة الأمم، تحمل لافتة كتب عليها شعار مندد بسياسة الحكومة، مؤشر أولي يدل على أن الشغيلة تعد لشعارات قوية ضد "حكومة عبد الإله بنكيران"، التي يعتبر عيد العمال هذه السنة، الأخير في فترة ولايتها. أفراد الطبقة العاملة يفدون على ساحة الأمم، يتزايد عددهم شيئا فشيئا. "ياللعار .. بنكيران رجع بشار" في شارع محمد الخامس ، تجمع عشرات سائقو السيارت الأجرة الكبيرة والصغيرة المنضوون تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أول القادمين إلى مكان انطلاق مسيرات فاتح ماي. بدأت الأحاديث بين سائقي سيارات الأجرة، تتناول وضعية المهنة والتحديات المطروحة، العاشرة والنصف لا تزال وفود الطبقة العاملة تصل تباعا، ولا يسمع إلى الآذان إلا أصوات جهاز "الطولكي ولكي" لدى عناصر الأمن المنتشرين قرب ساحة الامم. "يا للعار يا للعار .. بنكيران رجع بشار " و"الحكومات مشات وجات والحالة هي هي" ارتفعت أصوات أفراد الطبقة العاملة المنضوين تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، لتكسر الهدوء في الشارع وتعلن بداية مسيرات فاتح ماي ،خلفهم مباشرة عمال وحدات صناعية ومشاريع اقتصادية عديدة، يلبسون بذلات موحدة تطالب بحلول للمشاكل العالقة بينهم وبين مشغليهم. السخط العارم على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية سمة ظلت تتردد في شعارات المشاركين، التي أجمعت على أن الأوضاع الاجتماعية تزداد سوءا نظرا لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشية."سياسية التقشف شي ياكل وشي يشوف" يردد مشاركون في مسيرة الكونفدرالية الدمقراطية للشغل. "الإضراب حق مشروع..والتحكم مالو مخلوع" في نفس المسار، موكب نقابة "الحزب الحاكم"، الأكثر حضورا إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل في مسيرات اليوم، اكتسى اللونين البرتقالي والأخضر، وهما اللونين المميزين للزي الموحد لعمال قطاع النظافة، الذي يسيره اثنان من الفاعلين في هذا المجال. "الاتحاد الوطني هوية إسلامية للدفاع عن حقوق العمال"، ترفع سيدة هذا الشعار عبر مكبر الصوت ليردده معها المئات من العمال الذين أثثوا موكب مسيرة الإسلاميين، رفقة زوجاتهم وأطفالهم.. "يمشي عمدة ويجي عمدة والسكن ولا بد"، نموذج من الشعارات التي رفعها نقابيو العدالة والتنمية، وتفاعل معها المشاركون في حرارة. غير أن الشعارات الاجتماعية لم تكن وحدها الحاضرة في لافتات وهتافات أتباع مسيري شؤون طنجة والمغرب، فهناك شعارات تغنت بشرعية الإضراب من قبيل "الإضراب حق مشروع والتحكم مالو مخلوع". "يا عمال العالم اتحدوا" اللون الاحمر وصور "تشي غيفارا"، كانت بادية للعيان لدى تنظيمات اليسار الجدري التي لم تخلف عاداتها في رفع شعارات "ثورية" تدعو عمال العالم للوحدة، و الحديث عن التعليم الطبقي وتزايد الفساد المخزني، مطالبة "الجماهير الشعبية" في نفس الآن بضرروة بناء جبهة النضال الشعبي ضد "الهجوم المخزني الرجعي.". وفي نفس المجموعة يسير نشطاء الجمعية المغربية لحقوق الانسان رافعين شعارات تنتقد بشدة أداء حكومة بن كيران، وتستهجن طريقة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في تدبيره للشأن العام الحكومي.