السماء مزينة بالنجوم.القمر يطل علينا محمر الخدين.صمت يطبق على المكان.ﻻ يكسره سوى مواء القطط أو نباح كلب ربما يرى شبحا يأتي من بعيد ربما من سطح ذاك المنزل الذي يقبع في اخر الزقاق.نسيم بارد يتسلل للعظام.. رفعت عيني، كل النوافذ مغلقة والاضواء منطفئة، والحياة تبدوا منعدمة..وهدوء غريب ممزوج بالرهبة والخوف يرابط أمامنا.. الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل، والزقاق فارغ. وجسم الشاب مازال منطرح على الأرض. كانه غارق في نوم عميق..وﻻ يدري ما نعانيه بسببه.. انتشلني حمزة من بحيرة التفكير التي غرقت فيها.قائلا: - سنتصل بسيارة الإسعاف. - وهل تعتقد أنها ستستجيب للنداء - ﻻ نخسر شيئا سنجرب..فعلى الاقل ﻻ نترك الشاب في هذا الوضع.. المأساوي. - ولنفترض انها ستحضر ستمر على الأقل ساعة او ساعتين قبل ان تحضر سيارة الإسعاف. سأكون تجمدت حينها من البرد.. - ﻻ يوجد أي حال اخر أمامنا.. -وماذا لو جائت مصحوبة بسيارة الشرطة - لن نمكثا امام الجثة..سنراقب الوضع من بعيد حتى يتم نقل الضحية في السيارة.. - مممم حسنا..فلننفذ ما اتفقنا عليه.. تركت حمزة يركب رقم 15 على الهاتف وهو يدور حول نفسه بحركة ﻻ إرادية. في هذه الأثناء كانت تتهاوشني الكثير من الهواجس والسينايوهات التي تنتهي بخاتمة مأساوية.. - إلقاء القبض على شابين بجوار جثة.. القانون ﻻ يحمي المغفلين.. - وما شأنك أنت..فليمت من أراد وليعش من أراد..فالدولة تقوم بواجبها.. اتخيل نفسي وانا أمام القاضي يسألني عن الدافع الذي دفعني للقتل.. - نحن لم نقتل في حياتنا حتى الفئران، فما بالك أن نزهق روح بشرية.... و قاطعني القاضي قائلا: -- الكل يدعي البراءة طلب القاضي من حمزة إن كان عنده مايقوله.. فاجاب قائلا: - سيدي القاضي نحن قمنا بعمل نبيل وإنساني ولم تطاوعنا نفسينا أن نمر مرور الكرام على جثة الشاب في عرض الطريق..وننام مرتاحي البال.. أجابه القاضي وفي نبرته مزيج من السخرية والتهكم: - ستخصص لكم الدولة مأوى وكلأ وخدمة طويلة الأمد مقابل عملكما البطولي.. سمعنا خلفنا ضحكات وقهقهات منبعثة من افواه الحاضرين في الجلسة عقب كلام القاضي اللعين.. نظرت إلى حمزة الذي كان يقف على يميني، يحك ذقنه بأصبعي يده اليمنى..كأنه يحاول أن يبحث عن مخرج لهذه القضية التي تورطنا فيها لحسن نيتنا ولغباوتنا.. نظرت إليه بطرف عيني..تسائلتا عينينا عن تداعيات القضيةأ في نفس الوقت التي تبادلتا اللوم والتوبيخ وكل واحد يلقي المسؤولية على الآخر.. يتبع