بغض النظر عن الكتابة السينمائية على اختلاف أساليبها، تحضر في الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم، الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي بطنجة إلى غاية 5 مارس الجاري، التيمة الوطنية إلى جانب هيمنة المواضيع المجتمعية في مجموع الأفلام المقدمة، الطويلة منها والقصيرة. فقد تم، أمس الأربعاء، في إطار مسابقة الفيلم الطويل للدورة الحالية، عرض فيلم "المسيرة" (91 دقيقة) الذي أخرجه يوسف بريطل وكتب له السيناريو إلى جانب ديفيد فيلمان، والذي يحكي تاريخ "350 ألف مشارك، و350 ألف حكاية"، و"الكل يسير في اتجاه واحد ووحيد"، هو، "مصير شعب، ومستقبل أمة بأكملها". شخص أدوار فيلم "المسيرة"، بالخصوص، مراد الزاوي وغالية بن زاوية ومحمد خيي ومحمد الشوبي والسعدية أزكون ونادية نيازي ورشيد الوالي وإدريس الروخ وسعيد باي. وفي إطار مسابقة الفيلم الطويل أيضا، تم أول أمس الثلاثاء عرض فيلم "فداء" لمخرجه إدريس شويكة، الذي عاد، على مدى 109 دقيقة، إلى فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب، واسترخاص المقاومين المغاربة الغالي والنفيس من أجل فداء الوطن وعودة الملك الشرعي إلى عرشه. ويتحدث الفيلم، الذي كتب له السيناريو عزيز الساطوري، عن فترة 1953، حين أجج نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، على عكس ما كانت تتوقعه الإقامة الفرنسية، غضب الشعب المغربي وسخطه، ويحكي عن عبد الرحمان، المقاوم، الذي يحسم تردده باختيار المقاومة والفداء على ما عداهما. شخص أدوار الفيلم عبد الإله رشيد وربيعة رفيع ومحمد خيي وأحمد عمراني وفضيلة بنموسى وخديجة عدلي وأكسل أوستن وحكيم رشيد، فيما التصوير لفاضل شويكة، والصوت لهشام أمدراس، والمونتاج لنجود حداد، والموسيقى لجمال حناف ومحمد شادي، والإنتاج لكينوشوك للإنتاج. وتم يوم الأحد المنصرم عرض فيلم "ليلى جزيرة المعدنوس" (85 د) لمخرجه أحمد بولان، الذي يروي قصة إبراهيم (عبد الله فركوس)، الجندي ضمن القوات المساعدة، الذي ينتقل بأمر من قيادته إلى الجزيرة المغربية في البحر الأبيض المتوسط لمراقبة المهربين والمهاجرين السريين قبل أن تتطور الأحداث ديبلوماسيا وعسكريا. وإلى جانب هذه التيمة الوطنية المباشرة، تم عرض أفلام استندت إلى وقائع التاريخ، من قبيل الحرب العالمية الثانية في الفيلم الطويل "رجال من طين" (90 د) لمراد بوسيف أو حرب الهند الصينية في الفيلم القصير "نداء ترانغ" (20 د) لهشام الركراكي، فيما حازت المواضيع المجتمعية، على العادة، قصب السبق، خلال هذه الدورة من المهرجان الوطني للفيلم. فتناولت العديد من الأفلام المعروضة، إن لم يكن كلها، مآس اجتماعية من مثل زنا المحارم ("تكشبيلة توليولة" ليوسف العليوي) والاغتصاب ("عبد الشر" لمحسن نظيفي) والإعاقة وتشغيل الأطفال ("آية والبحر" لمريم توزاني، و"مناديل بيضاء" لفريد الركراكي)، والسرقة والعنف والبؤس والتشرد ("مسافة ميل بحذائي" لسعيد خلاف) والعطالة والهجرة ("المتمردة" لجواد غالب) والهدر المدرسي والفساد الانتخابي ("كونيكسيون" لنادية غالية لمهايدي). وشكل موضوع الاغتراب الداخلي محور أفلام قصيرة وطويلة تم عرضها خلال الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم، ومن أعراضه حضور الطبيب النفسي في العديد منها ("إحباط" لمحمد إسماعيل، و"ميلوديا المورفين" لهشام أمال، و"موت الحياة" لمعدان الغزواني، و"هوس" لحنان وردة ...). واختلفت الكتابة السينمائية في فيلم "البحر من ورائكم" لهشام العسري (88 د)، بالأبيض والأسود، إذ تناول المخرج، على عادته، مواضيع نفسانية واجتماعية وسياسية بأسلوب سوريالي تطغى عليه العجائبية، حيث ينطلق البطل (طارق) بحثا عن عالم بالألوان ينقده من الجنون والاغتراب عن الذات. وما تزال السنوات العصيبة، إبان فترة السبعينيات والثمانينيات، تحظى باهتمام السينمائيين المغاربة، فقد تم في هذا الصدد عرض فيلم وثائقي بعنوان "ثقل الظل" لحكيم بلعباس بحضور أبطاله، وفيلم طويل بعنوان "دموع إبليس" لهشام الجباري.