أمام سيل الانتقادات التي رافقت عملية زرع أشجار النخيل في شوارع مدينة طنجة، أذعنت السلطات المحلية لمطالب الساكنة بوقف ما سبق أن اتفق عليه الجميع، بأنه "مهزلة كبرى"، وحلقة جديدة من مسلسل الإجهاز على هوية مدينة "البوغاز"، حيث توقف بشكل ملحوظ زحف هذه النباتات التي لا تناسب طبيعة المدينة، على شوارعها وساحاتها. وشرعت مصالح السلطات المحلية، في تأثيث شوارع طنجة، بأنواع من الأشجار، مباشرة بعد موجة الانتقادات التي تلت عمليات غرس النخيل، والتي تفاعلت معها جريدة طنجة 24 الإلكترونية، من خلال استيقاء رأي خبير متخصص في المجال الزراعي، ومواقف فعاليات المجتمع المدني، بالإضافة إلى رصد تفاعل شريحة عريضة من الساكنة، التي أبانت عن رفضها لهذه الخطوة. ويرى مراقبون محليون، أن تجاوب السلطات المحلية مع هذه الانتقادات، يجسد مرة أخرى قدرة المجتمع المدني والساكنة على التأثير في دوائر القرار، على اعتبار تطور الوعي في هذه الأوساط. وشملت الملاحظات التي أبداها سكان طنجة ونشطائها الجمعويين، حول غرس النخيل في شوارع المدينة، جوانب مرتبطة بالتأثيرات الصحية لهذه النباتات على المواطنين، وأخرى متعلقة بجمالية المدينة، فضلا عن إثارة الهاجس الأمني، بسبب محاذاة أشجار النخيل المغروسة لشرفات الشقق السكنية ونوافذها، الأمر الذي علق عليه الكثيرون بكثير من السخرية بأنه "تنزيل لسياسة تقريب اللصوص من المواطنين". وحسب العديد من الملاحظين، فإنه إذا كان تجاوب سلطات المدينة مع انتقادات الساكنة، يشكل موقفا إيجابيا، فإن الأمر لا يجب أن يتوقف عند هذا الحد، وإنما يجب تفعيل ثقافة المحاسبة، خاصة وأن خطوة غرس النخيل كلفت حتما ميزانية مهمة، مع الشروع في تنزيل مبادئ الحكامة التشاركية التي تنص عليها القوانين الوطنية.