لم يكن للمدعو "ولد سلطانة" أن يخطر بباله أن تكون مدينة طنجة كآخر نقطة بالمغرب، ستكون أيضا آخر نقطة لعمليات النصب والاحتيال التي كان يمارسها على طول التراب الوطني منتقلا من مدينة إلى أخرى. فبقدر ما تعتبر مدينة طنجة، مدينة الولي الصالح سيدي بوعراقية المعروف بكرمه وضيافته، بقدر ما كانت صارمة مع "ولد سلطانة"، الذي لم يتعدى ضحاياه عدد رؤوس الأصابع. "ولد سلطانة"، طالما استعمل تقنيات العزف على أوتار المفردات والمصطلحات الأمنية من أجل الإيقاع بضحياه، "تبعوني للكوميسارية انتم متهمون بتوزيع المخدرات"، فضلا عن استغلاله لحسن الهندام لانتحال صفحة قائد المقاطعة من اجل ابتزاز الباعة المتجولين في بني مكادة ومجموعة الأحياء الشعبية، فأوقع عشرة ضحايا ومبالغ مالية، كشفت عنها مصادرنا الأمنية.
أخيرا نصبت له فرقة تابعة للشرطة القضائية بدائرة امن بني مكادة بمدينة طنجة كمينا خاصا، ضبط خلاله في حالة تلبس وهو يحاول الإيقاع بالضحية الحادي عشر بشارع الهند بحي بني مكادة القديمة، بعدما حاول الاستيلاء على مبلغ يزيد عن 3 ملايين سنتيم من احد بائعي المواد الغذائية، القي القبض على"الضابط الممتاز" و "القائد " المزور، ووجهت له تهمة النصب والاحتيال .
وقد قدم المتهم مساء الجمعة الماضية، بعد استكمال البحث الأولي معه، قبل إحالته على العدالة لتقول كلمتها الأخيرة في حقه.
القصة الكاملة..
قصة الضابط المزور تعود إلى نحو شهرين تقريبا حسب ما ذكره مصدر أمني ل" موقع طنجة24"، فلقد اتخذ المتهم ولد سلطانة المزداد سنة 1965 بنواحي مدينة تازة قرار مغادرة المدينة في اتجاه عاصمة البوغاز مدينة طنجة، كما عمد في البداية على تحديد ضحاياه المفترضين دون الخروج عن دائرة التجار وبائعي المواد الغذائية المنتشرين في أنحاء معزولة بالمدينة، انتقاهم بطريقة لا تثير شكوك رجال الشرطة والأمن، ترافقه في مهمته هاته بطاقة مهنية تحمل خطا أحمر وأخضر، بالإضافة إلى لباس أنيق بربطة عنق متميزة، يستغل المتهم حسب ما ذكره مصدر امني للموقع دخول المحل المعين سلفا ليمارس عملية تفتيش دقيقة بعد أن أوهم صاحبه بكونه متابع قضائيا في جريمة ما تتعلق بتوزيع المخدرات وبعض الممنوعات، وبعد أن يدلي له بالبطاقة المهنية المزورة، يواصل التفتيش بطريقة احترافية، وبعد التوصل إلى مكان تواجد الخزنة يستولي على المبلغ المالي ويغادر المحل بسرعة بعد أن يوجه كلاما قاسيا لصاحب المحل ويأمره بالتوجه إلى مركز للشرطة لاخد باقي المعلومات.
استطاع ولد سلطانة النصب على حوالي 10 أشخاص كل بطريقته الخاصة، يختار النساء أحيانا، وأحيانا أخرى بعض الأشخاص المسنين الذين يمارسون مهامهم التجارية في أماكن نائية لا تعرف حركة مرور ولا رواج تجاري كبير، وكشف المصدر الأمني أن بعض التجار من ضحاياه أوهمهم على أن مصالح الأمن بطنجة قد سجلت ضدهم ومنذ مدة مذكرة بحث أمنية، بعد توصلهم بمعلومات- كما يقول المتهم- عن كونهم يتاجرون في المخدرات على الصعيدين الوطني والدولي، وهو الأمر الذي دفع ببعض الضحايا إلى ملازمة الصمت وعدم تقديم شكايات عن "الضابط المزور"، عناصر الشرطة بطنجة استطاعت فك اللغز بعد توصلها بأزيد من خمس شكايات، أبدى أصحابها نفس الأوصاف التي انطبقت على ضابط الأمن والقائد المزور، إلى أن تمكنت نفس العناصر من ضبطه في حالة تلبس نهاية هذا الأسبوع، وقد أكد مصدر أمني مسئول على أن المتهم الذي اعترف بالمنسوب أليه جملة وتفصيلا، كان يقوم بمغادرة مدينة طنجة بعد الاستيلاء على مبلغ مالي في اتجاه مدينة خنيفرة حيث يقضي بعض الليالي الحمراء في بيوت للدعارة، قبل العودة من جديد إلى مدينة تازة استعدادا لانطلاقة أخرى نحو عاصمة البوغاز طنجة التي ضل يتردد بها باستمرار قبل أن يتم اعتقاله ووضع حد لعملياته.