مدينة أصيلة.. اسم على مسمى، فهي أصيلة في الزمان والمكان، بشوراعها الملآى بالشمس والدفء والطيبوبة وكرم الضيافة المجبول عليها سكان هذه المدينة. ولعل التعلق يزداد أكثر حدة عندما يتردد زائرها على المدينة العتيقة، سواء كان “عابرا” أو “مقيما”، ليجد فيها موئلا للتأمل والخيال، ثم اقتفاء للأثر في جداريات معبرة. ولا عجب أن تتوفر أصيلة، التي تبعد بنحو 42 كيلومترا عن عروس الشمال “طنجة”، على بيئة إنسانية وعمرانية تليدة، تعود جذورها إلى تاريخ سحيق بدأ منذ 3600 سنة، وهو ما يجعلها بحق تجسد لرمز الخروج بالممارسة الثقافية من العواصم والحواضر الكبرى إلى المدن الصغيرة. فمدينة “زيليس”، أو كما يحلو للبعض تلقيبها بالمدينةالبيضاء، تظل من أهم المدن نظرا لموقعها الجغرافي المتميز وطبيعتها الفتانة ومناخها المتفرد. فتاريخ مدينة أصيلة في وضعها الحالي، ما هو إلا تمازج لعدد من الحضارات، قد لا تكفي مئات الصفحات لسردها، الأمر الذي يضفي على أزقتها لمحة فلسفية وثقافية وفنية، لاسيما بالمدينة العتيقة، في مشهد يجسد للجمالية تارة وللتفرد تارة أخرى. وأنت تتجول بين أزقة المدينة العتيقة المكسوة بالزرقة الفاقعة ترافقك رياح بحرية عاصفة، وتلحظ حضورا أجنبيا للسياح الأجانب الذين ينصتون بتمعن لشروحات المرشد السياحي. ولا يقتصر الأمر على الكبار، بل للصغار نصيب من رونق وجمالية المدينة العتيقة، لاسيما وهم يتابعون ببرائتهم جدارياتها التي تكسو بناياتها. ووعيا منهم بأهمية البعد البيئي، يحصر الزيلاشيون (سكان أصيلة) على الارتقاء بفضاء المدينة العتيقة إلى موئل للتأمل، وعلى جعل جدران بناياتها متنا حكائيا شبيه بقصص ألف ليلة وليلية. فنانون تشكيليون، هواة أو متخصصون، شباب، أطفال، نساء ورجال، يشاركون بشغف في تزيين المدينة، من خلال ألوان شتى ولوحات جدارية تسر الناظرين. وهكذا، يمكن لزائر المدينة وهو يتأمل تفاصيل هذا المشهد الفني أن يسافر، عبر هذه الأشكال التعبيرية، بخياله صوب عوالم أخرى فنانون تشكيليون، هواة أو متخصصون، شباب، أطفال، نساء ورجال، يشاركون بشغف في تزيين المدينة، من خلال ألوان شتى ولوحات جدارية تسر الناظرين. وهكذا، يمكن لزائر المدينة وهو يتأمل تفاصيل هذا المشهد الفني أن يسافر، عبر هذه الأشكال التعبيرية، بخياله صوب عوالم أخرى. فلا غرو أن يندهش الزوار من جمال ونظافة الأزقة، وكذا مساحتها الفسيحة وتنوع لوحاتها الجدارية التي تؤثتها. كما أن الحديث عن مدينة “زيليس” لا يستقيم من دون الحديث عن “بازاراتها” التي تعرض منتجات الصناعة التقليدية المحلية الوطنية وبواباتها المقاومة لعوامل الزمان وشاطئها الأزرق. وهكذا، يجد الزائر نفسه، سواء كان في لحظة إدراك أو إلهام، يتلمس بعض المقتنيات، يقلبها بين أصابعه، في محاولة لاقتفاء عالم خيالي، حاول رسم معالمه منذ أن حط الرحال بمدينة أصيلة.