عبد العزيز حيون (*): بادرت أحزاب بجهة طنجةتطوان إلى تأنيث الترشيحات لرئاسة بعض المجالس المنتخبة على مستوى مدن القصر الكبيروطنجة ووزان، وهو ما يعتبر، حسب الملاحظين، تمييزا إيجابيا سيعزز موقع النساء في المشهد النسائي الجهوي. فقد قدم حزب العدالة والتنمية ترشيح كل من فاطمة الزاير لرئاسة مجلس مقاطعة امغوغة بطنجة، وسعاد برحمة لرئاسة المجلس البلدي للقصر الكبير، كما قدم حزب الأصالة والمعاصرة بوزان ترشيح فوزية الحمدي لترأس المجلس البلدي للمدينة، وهي ترشيحات تنم، عامة، عن حس سياسي واجتماعي يجب أن يكون مثالا لأحزاب أخرى للمراهنة على كفاءات نسائية أثبت قدراتها التدبيرية عن جدارة واستحقاق. وعلى الرغم من أن عدد المرشحات يبقى ضئيلا جدا مقارنة مع عدد المجالس المنتخبة بالجهة، إلا أن ترشيح النساء لهذه المسؤوليات يعد، في حد ذاته، نقلة نوعية ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع الشأن النسائي عامة، وهي خطوة لملاءمة الأقوال مع الأفعال وتحقيق المناصفة والالتزام بمقتضيات دستور 2011،وكذا فتح المجال أمام النساء لإبراز قدراتهن في التسيير الجماعي، الذي ظل حكرا على الرجال، إلا ما كان من شأن بعض الاستثناءات التي تعد على رؤوس الأصابع سواء في مراكش أو الجديدة أو الحسيمة، وهي تجارب عرفت عامة نجاحا كان من المفروض أن تكون انطلاقة لتمكين النساء من هذا الاستحقاق. وفي قراءة سريعة للسيرة الذاتية للنساء المرشحات على مستوى جهة طنجةتطوان يتبين أن هؤلاء النساء تمكن من فرض ذواتهن بالعمل السياسي الناضج، وانخراطهن الطويل في العمل الجهوي، إضافة إلى كفاءاتهن العلمية والأكاديمية والمهنية العالية، التي أهلتهن لتبوأ موقع القيادة على الصعيد الحزبي المحلي، كما ساهمن، بشكل كبير، في جلب اهتمام قاعدة ناخبة عريضة صوتت على أحزابهن بأعداد مهمة جعلتها تحتل المراتب الأولى في تصنيف الأحزاب الفائزة في الانتخابات المحلية والجهوية. وأعربت فعاليات محلية وجهوية عن أملها في أن يكون ترشيح هؤلاء النسوة لرئاسة المجالس المنتخبة "قطيعة نهائية" مع النظرة التي التصقت بالعمل النضالي للنساء، واعتبار انخراطهن الحزبي مجرد تأثيث لمشهد سياسي ظل لسنوات طويلة حكرا على الرجال، على الرغم من أن النساء كان لهن الدور البارز في عمل الحركة الوطنية واستقلال المغرب وبناء أسس الدولة الحديثة ومشاركتهن المتميزة في المسيرة الخضراء ودورهن البارز أيضا في العمل الاجتماعي وقيادتهن لتعاونيات وجمعيات مهنية ومقاولات حققت نجاحات باهرة. كما رأت هذه الفعاليات أن ترشيح النساء في مراكز القيادة الجماعاتية ينم، أيضا، عن حس ديمقراطي يجب أن يصبح سلوكا دائما داخل الأحزاب السياسية، وهو ما سيدعم، بدون شك، التطور الديمقراطي والحقوقي والتشريعي الذي يعرفه المغرب خلال السنوات الأخيرة، ويعطي إشعاعا آخر للنموذج السياسي والديمقراطي للمغرب الذي يساهم في إرساء قواعده كل السواعد المغربية دون تمييز أو تفريق أو إقصاء. ولعل الخطوة التي قطعتها الأحزاب المعنية في ترشيح النساء هي خطوة رمزية وذات دلالات سياسية واجتماعية عميقة، فالمأمول أن تسير الأحزاب الأخرى على نفس المنوال لتضع القطيعة مع مفاهيم ماضوية وأنماط التفكير القديمة، وفي المقابل إنتاج وممارسة مفاهيم تواكب التحول المعرفي والاجتماعي الإيجابي الذي يتبناه المجتمع المغربي دون التفريط في تقاليده وأصوله.